الجمعة، 16 نوفمبر 2007

الدكتور ادريس عبادي/الحكم المحلي


حوار مع الدكتور ادريس عبادي رئيس المركز المغربي للحكامة والمختص في التدبير المحلي***************************************************
شدد رئيس المركز المغربي للحكامة والمختص في التدبير المحلي إدريس عبادي على أن الحكم الذاتي
كما هو مطبق في بعض الدول يؤدي إلى ارتفاع الشعور الوطني بالارتباط بالدولة، وأن الجهات التي تتمتع بالحكم الذاتي، بحكم الاعتراف لها بجميع خصوصياتها وحقوقها، تكون أكثر تمسكاً بالدولة، وعكس ما يتخوف منه فإن هذه الجهات هي التي تقوم بالدفاع عن وحدة الدولة وأمنها واستقرارها، لأن ذلك في صالح الجهات نفسها. وقد تطرق عبادي في هذا الحوار، الذي ننشره قبيل اتضاح مقترح المغرب للحكم الذاتي ومناقشة مجلس الأمن لملف النزاع حول الصحراء المغربية، مواضيع كالنموذج الأقرب في تجارب الدول في الحكم الذاتي للخصوصية المغربية، والمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية...
* الحكم الذاتي....والارتباط بالدولة*
*النمودج الاسباني..كبديل للاحادية والمركزية*
*الخصوصيات المحليةوالنظم التقليدية ومسار تطور الحكامة بالمغرب*
*استعراض النمودجين الفرنسي والاسباني وايهما اقرب للتجربة المغربية*


* اقترب موعد تقديم المغرب لمقترحه لتطبيق حكم ذاتي في الصحراء المغربية، ويظهر ميل للنموذج الإسباني لدى أوساط مغربية، لماذا في نظرك هذا الميل؟ وما خصائص التجربة الإسبانية مقارنة بالوضع في المغرب؟

إني أرجع هذا الميل أولاً إلى أن المغرب دولة أحادية ومركزية على الطريقة الفرنسية، وبهذا الصدد هناك بعض السياسيين والملاحظين والمتتبعين للحكامة المحلية بالمغرب يرتكزون على هذا المعطى للقول إن على المغرب أن يتبع التطور نفسه الذي عرفه النظام المحلي الفرنسي فيميلون للنموذج الفرنسي. أنا شخصيا لا أميل للنموذج الفرنسي لأنه، رغم تطوره، لم يصل إلى مستوى الاستقلالية التي وصلت إليها دول أخرى أقل عراقة وقدم في الديمقراطية المحلية كإسبانيا مثلا. الملاحظ أن التجربة الفرنسية ما زالت خجولة فيما يخص تطبيق نظام الحكم الذاتي، باستثناء بعض مناطق ما يسمى ما بعد البحار مثل كالدونيا الجديدة التي تتمتع بنظام خاص، وحتى جزيرة كورسيكا القريب ملفها من وضع أقاليمنا الجنوبية لا تعرف استقلالاً ذاتياً، مثلما تعرفه الأقاليم الإسبانية.
هنا يجب أن ينتبه المتتبعون إلى مفارقة غريبة، وهي أن فرنسا رغم كونها دولة عريقة ونظامها الديمقراطي والإداري قديم وعرف تطورا منذ قرنين، وبالتالي يفترض أن تكون فرنسا أكثر تقدماً في مجال استقلالية المناطق من إسبانيا الدولة التي لها تجربة حديثة وفتية في ميدان الديمقراطية المحلية شأنها شأن المغرب، في حين أن العكس هو الواقع، وهنا يطرح سؤال: لماذا ما تزال الديمقراطية المحلية للأقاليم والجماعات الفرنسية تهيمن عليها المركزية كما في المغرب؟ أما في إسبانيا فقطعوا أشواطا بعيدة في الاستقلال الذاتي واقتربوا من النظام الفيدرالي؟ يفسر ذلك بأن الأنظمة القديمة ذات التقاليد السلطوية العريقة تكون هي نفسها حواجز وعوائق أمام تكريس الديمقراطية المحلية، ومن الصعب تجاوزها بسرعة، هذا ما يفسر بطء الإصلاحات لا في المغرب و لا في فرنسا في ميدان الديمقراطية المحلية، وبهذا المنطق ينبغي أن نفهم وضعنا في المغرب، لأن البعض يقول في كل مرة إن بلادنا متعثرة في ديمقراطيتها المحلية، وهذا طبيعي لأن المغرب دولة وحضارة عريقة عتيقة تطورت مند قرون لها تقاليدها في منظومة معقدة تجعل من الصعب المرور بسرعة إلى نظام الديمقراطية المحلية.
أما الدول الفتية التي عرفت انتقالا ديمقراطيا حديثا وسريعا فقد انطلقت بسرعة في مسار الديمقراطية المحلية والمثال هو إسبانيا. من ناحية أخرى نموذج هذه الأخيرة قريب من النموذج المغربي من حيث حداثة التجربة الديمقراطية حيث بدأتها تجربتهما منذ 35 سنة تقريبا، لكن الجارة ذهبت بوتيرة أسرع من المغرب ومن فرنسا.
*نفهم من كلامك أن النموذج الإسباني هو الأقرب للمغرب؟
نعم من جانب حداثة تجربتهما الديمقراطية هما قريبين، وبالتالي على المغرب أن يستفيد من تجربة إسبانيا ويبتعد شيئاً ما عن النموذج الفرنسي الذي يحجب عنه تجارب أخرى أكثر ليونة وانفتاح وفعالية مثل النموذج الإسباني، وكذلك الأنظمة المحلية الأنجلوسكونية.

*ربما الماضي الاستعماري الذي يربط البلدين يعزز ميل نحو إسبانيا؟
لا، ليس لهذا الاعتبار، وإنما لأن الإسبان كما قلت سابقا رغم حداثة تجربتهم، استطاعوا التخلص من القيود التقليدية للحكم ولم يضيعوا الوقت بل استرجعوا الوقت الذي ضيعوا خلال الحكم الدكتاتوري القديم، ومضوا بعيدا في الديمقراطية والاستقلالية المحلية، بحيث أصبحت الجهات لها سلطاتها الذاتية المتميزة عن الدولة وسياساتها وإشعاعها الداخلي والخارجي.
ولنأخذ مثلا جهة كاطالونيا فقد سبق لي أن حضرت لقاء بالدار البيضاء في إطار شراكة بين تلك الجهة وجهة الدار البيضاء، هذا القاء جمع عن الجانب الإسباني وفد يرأسه رئيس حكومة كاطالونيا وعمدة مدينة برشلونة، وهما صاحبي القرار في تلك المنطقة المستقلة وهما منتخبين للإشارة، وبالمقابل التقاهما عن الجانب المغربي وفد يرأسه الوزير الأول ووزير المالية والخوصصة، ووالي الدار البيضاء وعمدة المدينة وغاب رئيس جهة الدار البيضاء، في حين كان يكفي أن يلتقي رئيس جهة الدار البيضاء ووالي جهة الدار البيضاء وعمدتها مع المسؤولين الإسبانيين، فلماذا حضور وزراء من الحكومة المركزية؟ إن هذا يجد تفسيره في أن الدولة بالمغرب ما تزال مركزية رغم رغبتها في توسيع اللامركزية.

*ولهذا قلت في محاضرة لك إن الدولة المركزية ببلادنا، سبقت الجماعات المحلية؟
بالفعل، الدولة المركزية ببلادنا تكونت وتقوت ثم نهجت سياسة اللامركزية وعملت على توسيعها، وترسيخ نظام حكامة محلية مركب يجمع بين تجارب وممارسات محلية مستقاة من المجتمع المغربي من جهة، وقوانين ومؤسسات مستقاة من الأنظمة الغربية من جهة أخرى، تبعا لتطور تاريخي طويل. نتج عن هذا التطور نظام سياسي وإداري محلي مزدوج يجمع بين تقنيتي اللامركزية التي تعمل باسم المجتمع والأمة واللاتركيز الذي يعمل باسم الدولة. اللامركزية، التي تعتبر محور هذا النظام، ليست بظاهرة جديدة. فقد عرف المغرب تجاربا في ميدان الاستقلال المحلي قبل إقرار الحماية الفرنسية به. لكن منذ الاستقلال تميز تطور هدا النظام بظاهرة التطور في اتجاه التراجع.

الحواجز التي أعاقت تحسين واستكمال هدا النظام كانت متنوعة: قانونية ومؤسساتية ومالية وبشرية، والتي حاول المشرع طيلة الأربعين سنة من تجربة التدبير المحلي بالمغرب أن يعالج عن طريق إصلاحات متعددة الجوانب، انطلاقا من توسيع اختصاصات المسؤولين المحليين نحو استقلالية أكبر، وتقوية الموارد المالية والبشرية المحلية... وصولا إلى إدخال مبادئ التشارك والمشاركة الواسعة للمواطن والمجتمع المدني.
لكن اليوم، رغم إرادة المشرع توسيع سلطات واختصاصات الجماعات المحلية، فإن هنالك في الواقع تنافسا بين الدولة المركزية والجماعات المحلية، وهو صحي في ذاته، لكن يجب ألا يتحول إلى احتكار الدولة للميدان المحلي، هذا ما لاحظناه مثلا في ما يخص الشراكة بين جهة كاطالونيا وجهة الدار البيضاء، إذ هيمن حضور أعضاء الحكومة (الوزير الأول ووزير المالية) مع الوالي والعمدة، في حين لم يرافق رئيس كاطالونيا وعمدة برشلونة أعضاء من الحكومة المركزية.
*ثمة تخوفات بأن تتحول تجربة الحكم الذاتي إلى مرحلة متقدمة بمطالب انفصالية، فما هي ضمانات عدم وقوع ذلك؟
ولهذا لا بد من تحديد للمفاهيم وما الذي نريد، وقبل أن نتحدث عن النمودج الإسباني نطرح السؤال: ما معنى الحكم الذاتي؟ وأي نوع منه نريد؟ فالأنواع متعددة من كندا إلى ألمانيا إلى الولايات المتحدة... فهل نريده على الطراز الأمريكي أي نظام فيدرالي (دويلات داخل الدولة)، أم حكم ذاتي على الطريقة الإسبانية، أي أقاليم مستقلة، أم أقاليم وجهات على الطريقة المغربية/الفرنسية مع إدخال تطويرات عليها؟
ينطوي معنى الحكم الذاتي على استقلالية (autonomie) إلا أنه ليس مرادفا له، وهذه الكلمة باللغة الفرنسية لا تعني الحكم الذاتي، بل مقابل هذا الأخير هو (auto-governement)، ونحن في المغرب لدينا استقلالية للجماعات المحلية مالياً وإدارياً، إلا أن الحكم الذاتي هو مرحلة متقدمة على الاستقلالية.
والحكم الذاتي ليس تقسيمات ومؤسسات ترابية في منطقة محددة من قبيل الأقاليم والجهات والإدارات والمقاطعات كوسائل للحكم المحلي، ذلك أنها تبقى وسائل إدارية دون استقلالية سياسية، في حين أن الحكم الذاتي هو استقلالية أولا قانونية، إستقلالية في سن القوانين ذاتية، ويقتضي الأمر أن لك خصوصية قانونية وإدارية (قانون جهوي تضعه منطقة الحكم الذاتي)، أما إذا طبقنا حكما ذاتيا في منطقة وبقيت خاضعة لقوانين المركز فإننا أمام نظام لامركزية وليس أمام نظام الحكم الذاتي. وبالتالي فإن تطبيق الحكم الذاتي يعني صلاحيات للمنطقة المشمولة به لسن قوانين محلية مثلا في قطاع التربية والصحة... ويبقى القانون الأسمى الدستور يشمل الوطن كله.
وإن مطلب توفير ضمانات لكي لا يزيغ الحكم الذاتي إلى مرحلة أخرى يدفعنا لطرح سؤال: هل نريد تطبيق حكم ذاتي في الأقاليم الصحراوية في إطار الدولة الأحادية القائمة أم في إطار نظام فيدرالي كالنموذج الألماني مثلا؟ أظن أن الثقافة السياسية والإدارية المغربية لا تسمح بالخيار الثاني، وأن أي حكم ذاتي لا يمكن إلا أن يكون في دولة مغربية أحادية، كانت في الماضي وما زالت، رغم أن المغرب عرف في تاريخه فترات حكمت فيها مناطق نفسها بنفسها بقوانينها الخاصة بها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ولم تكن تخضع لسلطة المخزن المركزي وما يربطها بالملك هو الرابط الروحي المتمثل في البيعة (أمير المؤمنين).

وإن التخوف من التطور نحو الانفصال مرتبط بتطبيق الحكم الذاتي في نظام دولة فيدرالية، وهو ما لا يمكن أن يصير إليه المغرب، لأنه دولة مبنية على الوحدة الترابية والوطنية رغم تنوعه. أخيرا يجب التأكيد أن الحكم الذاتي كما هو مطبق في بعض الدول يؤدي إلى ارتفاع الشعور الوطني بالارتباط بالدولة، لأن الجهات التي تتمتع بالحكم الذاتي يعترف لها بجميع خصوصياتها وحقوقها، وبالتالي هذا يدفعها للتمسك أكثر بالدولة، وعكس ما يتخوف منه فإن الجهات المتمتعة بالحكم الداتي هي التي تقوم بالدفاع عن وحدة الدولة وأمنها واستقرارها لأن ذلك في صالح الجهات نفسها.

*بعض المتتبعين يشدد على ضرورة تحديد ما إذا كان الحكم الذاتي وسيلة للوصول إلى الديمقراطية وتسيير الصحراويين لشؤونهم بأنفسهم، أم هو غاية في حد ذاته لنيل التأييد الدولي في مقابل الأطروحة الانفصالية، ووضع حد لنزاع ممتد منذ 30 سنة؟
أنا مع الطرح الأول بأن الحكم الذاتي وسيلة للوصول إلى تكريس الديمقراطية المحلية وطريقة رشيدة للتسيير والتدبير. أما أنه غاية في حد ذاته لنيل التأييد الدولي كما قلتم فهذا غير معقول وغير منطقي لأننا دولة لها سيادتها، ولا يمكن أن نعمل تحت الضغط، فالمنطق يقول إن العمل تحت الضغط لا ينتج عملاً فعالاً، ثم إن المغرب دولة حرة مستقلة ذات سيادة لها حق في معالجة ووجود حل لموضوع داخلي كملف الأقاليم الصحراوية في إطار مجتمعنا ومكوناته ومؤسساته السياسية، وكل يبدي مقترحاته وإن أتت من الخارج فمرحباً بها، إلا أنه لا يمكن أن نعمل من منطلق أن المغرب تمارس عليه ضغوط لإيجاد حل، زيادة على أن العديد من البلدان لديها مشاكل مشابهة كإسبانيا مع الباسكيين، وفرنسا مع الكورسكيين، وبالتالي فإننا ننطلق من الداخل وأما الاعتبارات الخارجية فتهتم بها المنظمات الدولية.
وأما كون مبادرة الحكم الذاتي أتت من الدولة، فإن هذا يعزى إلى أن النظام بالمغرب أحادي يرجع إليه في كل الأمور، وهذا اختيار تبناه المغرب، ويتميز بأن الأسبقية فيه تعطى للوطني والسياسي على المحلي والاجتماعي، وهو ما يعني أن المركزي يتخذ مبادرات ثم يأتي دور المحلي، فاللامركزية التي بدأت في الستينيات والجهوية في الثمانينيات، وكذا الحريات الموجودة حاليا والانتخابات أتت بقرارات فوقية، وكذلك الأمر في فرنسا حيث الدولة مركزية.
في حين أن المعادلة معكوسة لدى دول وأنظمة أخرى كالدول الأنجلوساكسونية والفيدرالية، فالأسبقية للمحلي والاجتماعي على الوطني والسياسي لأنها ليست دول مركزية، والمركزية لا تعني شيئا سلبياً بشكل حتمي، فهذا اختيار تاريخي من الصعب تغييره لأنه أصبح عقلية سائدة وثقافة حتى داخل المجتمع.
وحتى إن كانت المبادرة آتية من فوق فإن يحدث تلاقي مع مؤسسات في مستوى أدنى، بحيث أن المنتحبين، الذين يمثلون الجانب المحلي، يصبحون متكلمين باسم المجتمع فتصعد أصواتهم عبر مؤسسات منتخبة فتلتقي مع مبادرات المركز. وإن ذكر النموذجين لا يعني بالضرورة أن أحدهما سيء والآخر جيد، لأن النظام هو وليدة مجتمعه، ''كما تكونوا يول عليكم''.
*مر نصف سنة على تأسيس المجلس الاستشاري الملكي للشؤون الصحراوية، كيف تنظر للعمل الذي يقوم به إلى الآن؟ وهل سيكون الجهة الأثقل وزناً في صياغة وتنفيذ مشروع الحكم الذاتي؟
أرى أن الأولى عند النظر في مؤسسة جديدة كـ ''الكوركاس'' ليس هو التركيز على الجهاز ذاته أو الأشخاص المكونين له أو كيفية تكوينه، وهو ما وقع في البداية إذ تساءل المتتبعون والملاحظون عما إذا كان المجلس يمثل كل الصحراويين ومن يستحق أن يكون عضوا فيه... ودار الجدل كدلك عن شخص رئيسه وماضيه وغيرها من التساؤلات الجزئية، ولكن الذي يهمني هو الرسالة التي يراد إيصالها عبر ''الكوركاس''، وهي أن الدولة حينما قررت إنشاء المجلس، وهو جهاز تداولي تفاوضي من أجل إيجاد حل لملف الصحراء المغربية، فقد أعطته مكانة مهمة جداً عن طريق استقلاليته، وسلطة القرار الممنوحة له، وكذا سلطة الخطاب حيث هو نفسه يتمتع بحكم ذاتي وهذه رسالة في حد ذاتها.
ولنلاحظ أن رئيس المجلس، وهو يمثل زملاؤه في المؤسسة الملكية، أعطيت له سلطة جعلته مخاطب مباشر لرئيس الدولة، فهو لا يحاور إلا الملك ولا يجتمع ولا يعطي أي توضيح للمؤسسات الأخرى، لا للحكومة أو البرلمان أو الإدارة المركزية، كما أنه يتجول بكل حرية في الخارج ويتحاور مباشرة رؤساء الدول الأخرى، وفي هذا الأمر رسالة رمزية مهمة للداخل والخارج، رسالة استقلالية كبيرة، فلا يوجد رجل دولة في المغرب لديه ما لدى رئيس ''الكوركاس''، فهو يجول العالم ويختار مخاطبيه من رؤساء وزعماء الدول، وعندما يكون في المغرب يخاطب الملك، ولديه حرية المبادرة.
وإني لم أر في المغرب جهاز إلى جانب رئيس الدولة له مثل ما للمجلس من سلطة واستقلالية وحرية، رغم أنه مجلس استشاري فقط. هذه الرسالة الرمزية تقول للصحراويين في مخيمات تندوف إن أخاً لكم صارت له كل هذه السلطة، ولهذا نلاحظ أن الملك لا يعطي توجيهات كثيرة لـ ''الكوركاس'' بل يترك له الحرية والمبادرة.

*ولهذا قلت إنه سيكون للمجلس الصحراوي الوزن الأثقل في صياغة مشروع الحكم الذاتي؟
إن الدولة طلبت من المكونات الأخرى للمجتمع السياسي والمدني إبداء آرائهم تجاه هذا المشروع، منها من فعل ومنهم من لم يفعل، مما سيفيد ''الكوركاس'' بحيث لن يجد نفسه وحيدا بل أمام رؤى وآراء متنوعة، وبالتالي فسيظهر ما في المغرب، من شماله إلى جنوبه، من توجهات وانتظارات... وتبقى الكلمة الأخيرة للمجلس تحت إشراف الملك.


حاوره: محمد بنكاسم
عن التجديد الالكتروني

19/10/2006

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2007

الدكتور طارق اتلاتي



2/10/2006 ) مداخلة الدكتور اتلاتي استاذ التعليم العالي،محاضر بكلية الحقوق المحمدية،استاذ باحث’رئيس وحدة اللاتركيز الاداري بماستر الحكامة المحلية/كلية الحقوق المحمدية
ـــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــ

في إطار مناخ عالمي مليء بالأحداث المؤثرة في الواقع وصيرورته، يجد المغرب نفسه أمام تحديات تحتم عليه إيجاد مناخ ديمقراطي يشجع النقاش وحرية التعبير عن الأفكار والآراء.
ولأجل مواجهة هذه التحديات، عرفت المؤسسات السياسية بالمغرب طفرة حقيقية تمثلت بالأساس في:
- تنظيم انتخابات ديموقراطية وتقوية سلطات البرلمان في مجال مراقبة العمل الحكومي.
- إحداث مجلس استشاري لحقوق الإنسان، يضم ممثلي جميع الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية؛
- تعديل قوانين الحريات العامة؛
إضافة إلى تحديات اقتصادية فرضها واقع العولمة الجارف والذي جعل المغرب في درجة 125 من حيث التنمية الاقتصادية والبشرية على المستوى العالمي؛ كما أنه يعاني من 55% من الأمية و%15 من سكانه النشيطين، فقد أصبحت مسألة الحكامة في قلب مشروع العصرنة والمرتبطة بالأساس بالاقتصاد والمجتمع؛ هذه الدينامية تسترعي قسطا هاما من الاهتمام والنقاش بين أوساط الرأي العام، وذلك لعدة أسباب يمكن إجمالها عموما في:
الالتزام القوي لجلالة الملك محمد السادس الرامي إلى تسريع وثيرة التغيير من أجل الحفاظ على مجتمع قوي وموحد و من أجل تكريس ثقافة القرب والمشاركة والتشارك.
غير أن المحيط المتغير الذي نعيش فيه والذي يستهدف إيمانا جماعيا من طرف المجتمع المدني ومختلف الفاعلين الاجتماعيين، وضرورة رفع المغرب لمجموعة من التحديات والمرتبطة بالعولمة؛ يجد نفسه أمام أصوات مرتفعة وطلبات متعددة لملاءمة الواقع مع التحولات المؤسساتية وأدوار الفاعلين في التنمية المحلية.
وفي مواجهة هذه التحديات، وبهذه الإرادة الهادفة إلى السير إلى الأمـــــام، فإن المقاربة الجديــــدة المتمثلة في الحكــــامة، تصطدم بواقع مريـــر تملئ جوانبه ظواهر متعددة متمثلة في البيروقراطية الإدارية التي تنخرط في كل ما هو دامس من أجل الحفاظ والاحتفاظ بكل وضعية تذر امتيازا، إضافة إلى النقص على مستوى الحياة السياسية، وأيضا الأحزاب السياسية التي أضحت تكرس واقع الانتهازية لتقوي بشكل كبير سوء تسيير واضح على مستوى تدبير الشأن المحلي.
ففي ظل هذه البيئة يطرح التساؤل كيف يمكن تحقيق تنمية تؤسس لحكامة محلية جيدة وفي مستوى التطلعات؟ كيف يمكن لنظام حكامة محلية جيدة أن تساهم في تعميق الإصلاحات اللامركزية الجارية بالمغرب؟ وكيف يمكن تحسيس المجتمع المدني بالمسؤولية الملقاة على عــاتقه؟
والإجابة على هذه التساؤلات ستساهم لا محالة في تنمية الأبعاد الأساسية للحكــامة المحلية بالمغرب، ووضع الدور الجديد للدولة ضمن إطار يسمح بضمان صيرورة مسلسل اللامركزية واللاتمركز.
وقبل الإجابة على هذه التساؤلات نرى من الأفيد توضيح وتحديد مجموعة من المفاهيم المرتبطة بالحكــامة...
الحكــامة هي أولا وقبل كل شيء تعبير عن ممارسة السلطة السياسية وإدارتها لشؤون المجتمع وموارده، وهذا هو التعريف المعتمد من طرف أغلب المنظمات الدولية.
وهو في واقع الأمر مفهوم قديم يدل بالأساس على آليات ومؤسسات تشترك في صنع القرار.
ومنذ عقدين طرأ تطور على هذا المفهوم وأصبح يعني حكم تقوم به قيادات سياسية منتخبة وأطر إدارية كفأة لتحسين نوعية حياة المواطنين وتحقيق رفاهيتهم، وذلك برضاهم وعبر مشاركتهم ودعمهم.

شروط الحكـــامة

من أجل أن تقوم الحكامة لا مناص من تكامل عمل الدولة ومؤسساتها والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، إذ لا يمكن أن نتحدث عن الحكامة دون تكريس المشاركة والمحاسبة والشفافية. ولا وجود للحكامة إلا في ظل الديمقراطية أو السيادة الشعبية. والحكامة تستوجب وجود نظام متكامل من المحاسبة والمساءلة السياسية والإدارية للمسؤولين في وظائفهم العامة ولمؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، والقدرة على محاسبة المسؤولين عن إدارتهم للموارد العامة وخصوصا تطبيق فصل الخاص عن العام وحماية الشأن العام من تعسف واستغلال السياسيين.
*أولا: الحكامة والمجتمع المدني
لعل الإشعاع الذي أضحى يعرفه المغرب في الآونة الأخيرة على مستوى حقوق الإنسان والحريات العامة جعله في قلب الحدث الديمقراطي، وجعل الجميع مقتنعا بأن مجهودات التحديث لن تتأتى إلا بالمشاركة المتزايدة للسكان في تدبير الشأن العام "والديمقراطية التشاركية" وفي إدارة مميزة لتشجيع انخراط المجتمع المدني بصفة عامة بشكل فعلي وجدي كطرف فاعل في التغيير، الشيء الذي يؤكد حقيقة الرغبة في إطلاق العنان للمبادرات الحلية، وفتح المجال أمامها لتحمل المسؤولية في اتجاه تبني مبادئ التفاوض والتشارك لإبراز مؤهلات الإبداع والخلق في سبيل خدمة التنمية التشاركية.
وفي هذا الإطار، الذي يجعل من الحكامة واقعا ليس فقط مرغوبا فيه بل أمرا حتميا وضروريا لمواصلة النهج الديمقراطي الذي سلكته البلاد بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، فإن المجتمع المدني قد عبر عن انخراطه في المسلسل المذكور من خلال اشتغاله ميدانيا وتحمسه لكل مبادرة عنوانها المصلحة العامة.
وبناءا على ذلك فإن موقع الحكامة مجاليا، يحتم الأخذ بعين الاعتبار كل أشكال المبادرة والمواطنة في تسيير الشأن المحلي من خلال إعطائها كامل حقها بل والزيادة فيها مؤسساتيا على ضوء تنوير المسلسل الديمقراطي الجاري ببلادنا.
ومن هذا المنطلق ينبغي الاعتراف بأن العمل الجمعوي هو حقيقة التكامل مع العمل الحكومي، لأن عدم إشراك المواطنين في المسؤولية يفرغ الديمقراطية من كل معنى حقيقي لها وبالتالي يحيل على بيروقراطية سهلة تكون عواقبها وخيمة وفيروسا مجتمعيا يجر كل الشوائب والظواهر غير الصحية.
والحديث عن المجتمع المدني، لا ينبغي فهمه بالمعنى الضيق وحصره في المنظمات غير الحكومية والتي في الغالب تأخذ أشكال منظمات بيروقراطية، بل في اعتقادنا يجب أن تتكثل حول مشاريع موحدة، إنعاش مبادرات الجمعيات، مجموعات الأشخاص والجمعيات المتخصصة على شروط ووسائل النجاح وبالتالي الحصول على تفاعل بين السلطة العمومية والفاعليين الاقتصاديين والاجتماعيين.
إن سياسات التحرير وتحرر الدولة من التزاماتها قد أصبحت تفهم أكثر فأكثر على أنها وسيلة إعادة تزويد الأفراد والمقاولات بقدرة على المبادرة الجديدة، ويدخل ضمن هذا الإطار السهر على حماية حقوق وحريات المواطنين كإطار ترتبط وثيرته ونتيجته بالتقاليد السياسية والإدارية، فارتقاء المواطن من مرحلة يكون فيها مجرد مسير إلى درجة مواطن يتوفر على حقوق جديدة يشكل قفزة نوعية تستدعي تغييرا في العمق للعقليات، إن من جانب الموظفين أو المواطنين المستعملين ذاتهم حيث يبقى الأوائل مطالبون بالامتناع من اللجوء إلى تصرفات سيادية، والفئة الثانية مطالبة بالتخلي عن موقفها السلبي لتصبح شريكة بحصة كاملة؛ ومثل هذا التغيير هو وحده الكفيل بجعل المواطن قادرا على تشجيع القيم الأخلاقية والعدل واحترام المساواة في حياتهم اليومية وخلال الحياة اليومية المعاشة.
*ثانيا: الحكامة و اللامركزية
إن خيار اللامركزية و الفضاء المحلي كمشروع مجتمعي مستقل قائم على المشاركة الشعبية يتطلب جملة من السياسات والمقومات السياسية والتمويلية والإدارية.
فلا غرو والحالة هذه، إذا ما استحوذت مفاهيم اللامركزية والحكم المحلي والإدارة المحلية والمقاربة التشاركية على الخطاب السياسي للدول والمؤسسات الدولية طوال العقد الأخير من القرن الماضي بحكم عمق وعيها بتعقد وجسامة المسار المفضي، بصرف النظر عن العوارض الوطنية إلى ازدهار مجموعاتنا وجماعاتنا الترابية وذلك في سياق يتسم بالاعتماد المتبادل.
فمن منظور التنمية البشرية، فإن الفضاء المحلي يؤدي افتراضا إلى زيادة فرص الارتفاع بالمستوى المعيشي، وذلك من خلال توسيع خيارات وأفضليات الفرد والجماعة في المجتمع المحلي. فمن المفترض أن الإدارة اللامركزية تكون قادرة أكثر من نظيرتها الإدارة المركزية على التحكم لتوفير البيئة والآليات اللازمة لاستخدام أمثل للموارد المتاحة والابتعاد عن التبذير، حيث أن التخطيط المحلي يمكن من القيام بإجراء تقديرات حقيقية لحجم ونوعية الطلب بصورة أدق مما يقوم به لتخطيط المركزي، وبالتالي فالنتيجة الحتمية أن التسيير المحلي لا شك أن يوفر خدمات مطابقة لخيارات السكان وأوضاعهم.
فإذا كان عامل القرب إلى المواطنين عاملا أساسيا ومحددا للتوجه الصحيح لأي بادرة، فإن توفر نخب مؤهلة ومكونة يجعلها تتوفر على قدرات تحليلية ومعلومات أكثر التصاقا لتشخيص الإمكانيات المحلية للتنمية وفهم طبيعة ونوعية خيارات وأفضليات السكان المحليين، ومن تم تكون قادرة على صياغة خطط محلية وبرامج و مشروعات تستجيب لطموحات وتطلعات المواطنين، بل وتكون قادرة على وضع استراتيجيات متوسطة وبعيدة المدى لتطوير الإمكانيات التنموية المحلية و ضمان نمو اقتصادي مستديم.
ولعل البعد الأكثر أهمية لارتباط اللامركزية بالنهوض بالتنمية البشرية يأتي من خلال زيادة الكفاءة الإنتاجية بمعناها الواسع ومن التمكن من وضع آليات المساءلة والمحاسبة والحد من الروتين وتطبيق مبدأ الشفافية في المعاملات والحد من مظاهر الفساد الإداري والمالي.
ومثل هذا المنظور الرامي إلى تحقيق كفاءة إنتاجية عالية من اعتماد اللامركزية في مفهومها الواسع لن يمكن ترجمته على أرض الواقع ما لم يكن مؤ طرا بمشاركة المواطنين، بحيث يصبحون على المستوى المحلي واعين كل الوعي بكيفية توظيف الموارد واستخدام المال العام، وعلى دراية بما يتم التخطيط له من برامج ومشروعات محلية وبالتالي تكون قادرة على مراقبة ومتابعة و تقييم عملية الإنجاز بصورة أكثر التصاقا وأمانة مقارنة مع ما يجري في الخطط المركزية المعروضة من أعلى.
ولعل الأهم إذن، هو ارتباط اللامركزية بالعدالة الاجتماعية عن طريق التنمية المحلية القائمة على المشاركة السياسية، فالمجالس الجماعية كوحدات ترابية ستكون مهتمة بتوفير الخدمات العامة بصورة عادلة. وقد لا تكفي أنماط الديموقراطية الشكلية في تحقيق ذلك ما لم تكن هناك مشاركة سياسية حقيقية ومباشرة لجميع الفئات الاجتماعية.
ومن هذا المنطلق، فإن الحكامة تقتضي مجموعة من الرقابات لإنجاح خيار اللامركزية، بدءا من ضرورة التحكم الفعلي للمواطنين المحليين، سياسيا وفنيا بما يتم التخطيط له وكذا التأكد من تأسيس وتطبيق نظم إدارية تتسم بالمرونة والشفافية وبالشكل الذي تضمن معه الرفع من مستوى الكفاءة الإنتاجية للعاملين.
وخلاصة القول إن واجب المواطنين في عملية البناء وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وذو فوائد تتمثل بالأساس في منح أصحاب المصالح مساحة أكبر للتعبير عن آرائهم، ووضع آراء السكان الفقراء والمهمشين في الاعتبار عند وضع القرارات المتعلقة بالسياسة أو البرامج.
د। طارق اتلاتي






* حوار لجريدة "بيان اليوم " مع الدكتور طارق اتلاتي، رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

حكومة الأستاذ عباس الفاسي وملفات الاصلاح السياسي والحقوقي والمؤسساتي والديني


الاستراتيجية الأحزاب يغلب عليها في الاختيار القرابة من موقع القرار وتطييب الخواطر والإرضاءات وتغليب الطموحات غير الشرعية بدل فتح المجال للطاقات والكفاءات الحكومة ستكون في وضع لا تحسد عليه من خلال التحديات الكبيرة التي تنتظرها 1) بداية، ماذا يمكن القول عن انتخابات السابع من شتنبر؟ الحديث عن انتخابات السابع من شتنبر، يحتم التذكير بالسياق الذي جاءت فيه الأخيرة، فهي محطة مهمة في تاريخ المغرب ورهان كان يتوخى منه الاستمرار في مسلسل التحول الديموقراطي الذي يعرفه المغرب، والذي تأسست أرضيته بالتوافق التاريخي بين جلالة الملك والأحزاب الديموقراطية والوطنية، وبالمقابل كانت تحمل أيضا عبء -لاقدر الله- تسجيل تراجعات عن كل المكتسبات التي حققت إلى اليوم। في اعتقادي أن هذه الانتخابات وإن كانت في مجملها مقبولة، من خلال شهادة المراقبين الأجانب الذين قالوا عنها أنها شفافة و كذا الاتحاد الأوروبي والمجموعة الدولية؛ فقد شابتها عيوب حتى قبل انطلاقها وذلك في مرحلة التهيء والتحضير من خلال التشاور مع الأحزاب؛ فبالنظر إلى البرلمان هو مؤسسة تشريعية مهمتها إنتاج القوانين والمصادقة عليها بمعنى التنظير للمجتمع والتحكم في سرعة تطوره؛ غير أن هذا الحق والاختصاص الدستوري، قد أبطلت مفعوله الدولة من خلال رفض وزارة الداخلية في لجنة الانتخابات بمحلس النواب الرفع من المستوى التعليمي للمرشحين من الشهادة الابتدائية إلى مستوى أعلى وتبرير ذلك بأن الأمر قد حسم في سنة 2002• وبالتالي الانطباع الذي صار سائدا لدى عموم المواطنين هو أن من هب ودب بل وكل من سولت له نفسه يمكن أن يدخل غمار التجربة، وهو ما أسميه بالديموقراطية الفوضوية عكس الديموقراطية الصحيحة التي توضع لها ضوابط ومعايير। 2) هل يمكن الجزم بأن استعمال المال قد أفسد العملية الانتخابية؟ حقيقة أن انتخابات السابع من شتنبر كما أسلفت كان حولها - عموما -إجماع بنجاحها،غير أن مالا يمكن نفيه ، هو أن استعمال المال كان حاضرا ولو لم يكن بالقدر الذي تعودنا عليه في العهد السابق، ويكفي أن ننظر إلى الأحزاب بكل توجهاتها سواء كانت يمينية أو يسارية أو غيرها- اللهم بعض الاستثناءات- لنجدها في الغالب لم ترشح منا ضليها بل على العكس من ذلك استقدمت الأعيان والذين لا تربطهم بالحزب أية علاقة، ما كان يهم فقط هو تحقيق المسألة الرقمية المتمثلة في الحصول على فريق يمكن من الدخول في مشاورات على المناصب الوزارية। فالأعيان خلال هذه الانتخابات غيروا من مفهوم السياسة في المغرب كبلد قطع أشواطا طويلة في سبيل تحقيق المكتسبات التي وصل إليها اليوم؛ لأن استقدامهم جعل في غالب الأحيان المنافسة تخرج عن الإطار المرسوم لها في سبيل ممارسة الديموقراطية الصحيحة لتنحو منحى المضاربة بالمال لا بالأفكار والبرامج। 3) وما ذا يمكن القول عن نتائج هذه الانتخابات؟ أكيد أن نتائج الانتخابات كانت مخيبة للآمال، ولكن بالنسبة لي على الأقل، لم تكن لا مفاجئة ولا خارج إطار المتوقع؛ ففي شهر يونيو أي شهرين قبل موعد انطلاق العملية الانتخابية، استدعيت من طرف منتدى لحقوق الانسان بكلية الحقوق عين الشق بالدار البيضاء في موضوع حول السياسة وعزوف الشباب، وفي معرض تحليلي للنتائج المرتقبة لهذه الانتخابات، قلت إنني أتوقع عزوفا ليس فقط للشباب ولكن لمختلف الفئات، وبنسبة تتراوح بين 60 بالمائة و70 بالمائة، ونسبة أصوات ملغاة تقارب المليون، وأضفت أنني أخشى أن لا نكون بعيد ين عما أفرزته الانتخابات في الجزائر من نتائج؛ ويبدو أن ديكتاتورية الجوار قد تحكمت ولو أن الأسباب تختلف والمعطيات على جميع الأصعدة تعطي المغرب متفوقا بشكل كبير। وحتى الدولة كانت تتوقع ذلك، لهذا وظفت كل الإمكانات المادية والبشرية للتحسيس بأهمية الانتخابات والظرفية الحساسة التي يمر منها المغرب، وبدا واضحا أن عددا كبير ا من الأحزاب السياسية لم تكن قادرة على لعب دور تأطير وتعبئة الجماهير وحثهم على المشاركة، فاستقدمت لهذه المهمة حمعية تسمى 2007 دابا، هذه الأخيرة التي حققت أسوأ النتائج بل وبذرت الأموال بشتى الأشكال دونما نتيجة ونفرت المواطن من خلال بعض التقنيات الإعلامية المستعملة। 4) في اعتقادكم، هل التأخير في المشاورات من أجل تشكيل الحكومة كان أمرا عاديا؟ تشكيل الحكومة الحالية استغرق مدة زمنية، ونظرا لكون الشارع المغربي زاد تشويقه مع مرور الأيام وكذا العياء الذي خلفه عليه الشهر المبارك، جعله يشعر بالملل، والواقع أن المدة الزمنية بالنظر إلى واقع التدبير الحزبي هي مقبولة؛ فمجموعة من الأحزاب تتعامل بمنطق براغماتي ولا تستطيع رسم تحالفاتها بناء على التوجهات أو البرامج، كل ذلك يجعلها تنتظر النتائج النهائية। وباختيار جلالة الملك لوزير أول تدخل في معادلة صعبة لتوزيع عدد المناصب الوزارية ومحاولة إرضاء المتشاورين، حيث يغيب المنطق وتغيب الرؤى السياسية الواضحة وتتم إعادة رسم مشهد سياسي جديد للمغرب। والسبب الثاني في اعتقادي لتوالي المشاورات وعدم الحسم، يرتبط أساسا بشخص الوزير الأول ومدى الكاريزم الذي يتوفر عليه، فالتردد وتسرب أنباء عن لوائح بأسماء متنوعة ولمرات عديدة كله أمر لا يخدم شخصية الوزير الأول، لكون المتتبع للمشهد يعتبر أن مسار المفاوضات ينفلت من يده، الأمر الذي تأكد من خلال الحسم الملكي بعدما بدا واضحا أن الأمور بدأت تسوء فعلا، وأن هذه الحكومة لن تتشكل وقد افتتح البرلمان في دورته الخريفية। 5) كيف تنظرون إلى هذه الحكومة ؟ وماهي انتظارات الشعب المغربي منها؟ الحكومة الحالية بالشكل الذي هي عليه، تبدو هجينة وهو الأمر الذي سيصعب بل يعقد من مأمورية الوزير الأول، بل سيحد من اختصاصه ويجعله أحيانا خارج الدائرة। وهنا ستطرح إشكالية دستورية أخرى بعد ما عرفه الفصل 24 من جدل، وهي المتعلقة بتفعيل الفصل 65 من الدستور والذي بمقتضاه يقوم الوزر الأول بدور التنسيق؛ فالأمور التي لم تستطع الكثير من الأحزاب أن تستوعبها هي أن المنجزات والأوراش الكبرى في المغرب يشرف عليها جلالة الملك مباشرة وبالتالي طبيعي أن يظهر الوزير الأول أصغر حجما داخل تشكيلته। إن التوجه الملكي واضح منذ فترة زمنية لابأس بها وهي إعطاء الأولوية للتقنيين المتخصصين في مجالات متعددة على حساب السياسيين، وذلك بغرض ربح الرهان التنموي والتنافسي، انطلاقا من كون العالم الحزبي يغلب عليه في الاختيار القرابة من موقع القرار وتطييب الخواطر والإرضاءات وتغليب الطموحات غير الشرعية بدل فتح المجال للطاقات والكفاءات داخل الحزب التي تستحق أن تمثل الأحزاب تمثيلا مشرفا وليس فقط من أجل التنميق وإعطاء الصورة بأن المجال مفتوح أمام الشباب ولو كانوا غير مؤهلين لا تقنيا ولا سياسيا। اعتقادي الشخصي أن الأحزاب نالت عدديا في هذه الحكومة ما تستحقه بالنظر إلى النتائج المحصل عليها في الانتخابات। 6) وماذا عن الانتظارات المرجوة منها؟ بالنظر إلى الواقع الاقتصادي والاجتماعي، فإن هذه الحكومة ستكون في وضع لا تحسد عليه من خلال التحديات الكبيرة التي تنتظرها، فقد د شنت هذه الحكومة بدايتها على إيقاع الاحتجاجات والتظاهرات التي وصلت إلى حد التصادم العنيف بشأن الارتفاع الصاروخي والمهول لأسعار المواد الغذائية، وتأثير اتفاقيات التبادل الحر على الأوضاع الاجتماعية بشكل أساسي। الأكيد أن مهمة الحكومة ستكون جد عسيرة، وسيتطلب منها الأمر جهودا مضاعفة في سبيل رفع مجموعة من التحديات المرتبطة أساسا بالحد من ظاهرتي الفقر والإرهاب।


اجرى الحوار احمد المرابط








السبت، 10 نوفمبر 2007

الحكم المحلي الجهوي

ندوة في الرباط تبحث تجارب الحكم المحلي الجهوي في العالم
الجهوية خيار لترسيخ روح المسؤولية والمواطنة


الرباط : فتيحة بجاج |



تعتبر تجارب دول أخرى نجحت في جعل الجهوية والحكم المحلي نموذجا يمكن للمغرب الاستفادة منه في تطبيق مقترح الحكم الذاتي
في أقاليمه الصحراوية كما تشكل أحد محاور التحرك السياسي الذي ستعرفه المنطقة في المرحلة المقبلة

هذا ما تطرقت له ندوة نظمت أخيرا في الرباط، حيث جرت المناقشات حول تبني مبدأ الحكم المحلي في كل من بلجيكا و سويسرا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا والبرازيل
وحلل المحاورون دلالة هذا المبدأ وفعالية تطبيقه كل حسب المنطقة التي ينتمي إليها

وأكد مشاركون في هذا اللقاء أن الجهوية أو الحكم المحلي أوالفيدرالية أصبحت الأنظمة والاتجاهات التي يتخذها تطور التدبير الترابي
ويعتبر نظام الجهات المستقلة المعمول به في إسبانيا في كل من منطقة الباسك، وكطالونيا وجزر الكناري والأندلس، وغيرها من الحكومات المستقلة، وأيضا الكانطون بسويسرا واللانديرز بألمانيا وكذلك الولايات المتحدة الأميركية، والمناطق الإيطالية، نماذج ناجحة يمكن أخذ العبرة منها

وأضافوا أنه إذا ما كانت الجهوية أو الحكم الذاتي تعني منح بعض السلطات للجهة، فإن الحكم الفدرالي تسيير مغاير، لأن مستوى التدبير فيه أكبر وأشمل، إلا أن كلا النظامين، الجهوية والفيدرالية، يستجيب لنفس المشاغل والهموم كما أن نتائجهما غالبا ما تكون مماثلة

وأشار المتدخلون كذلك، خلال هذه الندوة التي كانت تحت عنوان تجارب الحكم الذاتي الجهوي عبر العالم، أن الجهة تتصف باللامركزية موازاة مع تطلعات القرن الواحد والعشرين

وأصبحت اليوم عاملا أساسيا في تفعيل التطور الاقتصادي وانتعاشه، كما أنها منتج للثروات ومساهم في خلق فرص الشغل، مع احترام المجال البيئي والطبيعي للمنطقة التي يطبق الحكم المستقل تحت سيادة البلد الأم

وأوضح المستشار الاقتصادي لسفارة ألمانيا في الرباط، هانس كريسيان ونكلير، أن هناك أشكالا متعددة للحكم الذاتي أو الاستقلال الذاتي في العالم، وأن المغرب كان سبق أن أبدى إعجابه بالتجربة الألمانية

ومن جهتها ذكرت موريل كوتوريي كسالس، جامعية من برشلونة، أن النظام الإداري للتجربة الإسبانية يعتمد احترام خصوصيات كل منطقة، فالحكم الذاتي في مقاطعة الأندلس يختلف عنه في كاتالونيا أو في الباسك

وأضافت أن ميل المغرب إلى التجربة الإسبانية نابع من الإدراك أن منح الصحراء المغربية حكما ذاتيا سيكون حافزا لتكريس مبدأ الجهوية في مناطق مغربية أخرى، خاصة وأن المغرب أعلن منذ سنوات توجهه نحو نظام الجهات، أي اللامركزية، ومنح السلطات الواسعة للأقاليم في ما يتعلق بتدبير شؤونها المحلية

أشارت مداخلات تالية إلى أن الجهة تعتبر أحد العناصر المهمة والأساسية في تنظيم الدولة، إذ تكون بمثابة شاهد على التنوع الثقافي والاجتماعي والبيئي، بالإضافة إلى دورها الكبير في ديناميكية أوجه الحياة العامة للمجتمعات وتقدمها لأنها تخلق نوعا من التنافسية بين مختلف المناطق

وأبرزت مداخلات أخرى أن المؤسسات الجهوية لها دور فعال في تكريس لامركزية الدولة، كما أنها تساهم في ضمان الديمقراطية، مبرزة أهمية التقارب بين السلطات المتوفرة على صلاحيات تقريرية تجاه المواطنين

وأشارت المداخلات إلى أيضا أنه في مناطق الحكم المستقل في أي بلد تجري مشاركة المواطنين بواسطة اعتماد سياسة القرب، خاصة عند البحث عن حلول للمشاكل اليومية التي تهم حياة الناس، إلا أنه يبقى من الضروري التوفر على الوسائل المادية والإطارات الترابية المتعلقة بالتهيئة المستدامة للتراب الوطني

تركز الاهتمام كذلك، خلال الندوة، على أن تطوير مبدأ التسيير الذاتي على مستوى الجهة، يدفع بالدولة إلى تشجيع الإحساس بالمسؤولية لدى المواطنين، وليس فقط في المجال السياسي، وإنما أيضا في المجالات الإدارية والاقتصادية والمالية

من جهة أخرى، أصر المشاركون على لفت الانتباه إلى أن تفعيل التسيير الذاتي ينمي روح المبادرة، كما يكرس مبادئ التضامن والمسؤولية المدنية لدى كل مواطن، مؤكدين في نفس الآن، أن تطبيق الجهوية مسألة ضرورية لتشجيع الاختلافات والفوارق الاقتصادية والاجتماعية الموجودة بين مختلف عناصر التراب الوطني التي يجب أن تصحح عن طريق سياسة منسجمة، وكل هذا يساعد على تحقيق النمو على المستوى المحلي والجهوي والوطني

وذكرت بعض الآراء أن الجهوية مسألة إيجابية ولا تمس في شيء بالوحدة الترابية للوطن، بل على العكس من ذلك، فهي وسيلة تمكن المواطن من التعبير عن تطلعاته، كما أنها تجعل سياسة القرب أكثر ديناميكية، وتبرز أكثر تنوع وأصالة كل عنصر في المجتمع سواء أكان إنسانيا أو اقتصاديا أو حضاريا، أو غيرها من الأمور التي تساعد على خلق دولة في تطور وازدهار مستمرين ويرى المتخصصون أن تفعيل سياسة القرب وسيلة تساعد على تفادي الصراعات بواسطة إبراز أهمية الهوية الجهوية داخل إطار الوحدة الوطنية، مع عدم اعتماد تلك النظرة العرقية والدونية للفضاء المعاش فيه

وجرى خلال الندوة طرح العديد من التساؤلات حول ما إذا كان تطبيق الجهوية المحلية كحل مناسب لمشكل الصحراء يتطلب إصلاحا دستوريا في المغرب، وهل يجب ملاءمة الدستور الحالي مع مفهوم الحكم الذاتي المرغوب فيه؟ وما هو التوافق السياسي والاجتماعي الواجب اتباعه في التقسيم الجهوي؟ وأية جهوية ستناسب بلد كالمغرب أخذ طريقه بصرامة نحو النمو والمعاصرة والديمقراطية؟ بالنظر إلى خصوصيات كل منطقة على حدة

الندوة 2
الحكامة والديمقراطية المحلية قاطرة للتنمية الشاملة



.
إذا كانت اللامركزية قد شكلت منذ عقود خيارا استراتيجيا للمغرب، فإن إقامة حكامة وديمقراطية محلية أصبحت، مع مرور الزمن،




هدفا يحظى بالأولوية في السياسة العامة للدولة، التي تسعى أن تجعل من التدبير الجهوي قاطرة للتنمية الوطنية

وشهد نمط التدبير المحلي في المغرب تطورا عميقا، إذ انتقل من مجرد سلطة اقتراحية، إلى أخرى تقريرية، وقد أملت التقدم المحقق في هذا المجال، التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي عرفها المغرب، ولكن أيضا بهاجس وضع نظام للحكامة يعوض التسيير الإداري للشؤون المحلية

وتقوم الدولة في الوقت الراهن بدور تنظيمي يكمن في توفير شروط مناخ مؤسساتي واقتصادي للدفع بالتنمية، ومن ثمة فقد أصبح من مهام الجماعات المحلية العمل على ضمان النهوض بالجهات في انسجام مع توجهات وأهداف السياسة الوطنية
وتتطلب الأهمية المخصصة لتدبير المجال الترابي إعادة تحديد مهام واختصاصات الجماعات المحلية، سواء تعلق الأمر بالجهات، أو العمالات أو الأقاليم أوالجماعات المحلية حضرية وقروية كما هو منصوص عليه في المادة 100 من الدستور

ومن هذه الزاوية، فإن المشرع المغربي واكب هذا التطور، الذي يسير في اتجاه التخفيف من الوصاية، وتحميل المسيرين المحليين المزيد من المسؤولية، والتي من شأنها أن تشكل عصب نخبة ذات كفاءة عالية تجمع بين الواجب والالتزام المواطن
واعتبر الميثاق الجماعي لـ 30 شتنبر 1976، لحظة المصادقة عليه، إصلاحا جذريا في هذا المجال، مع منح اختصاصات واسعة للرئيس وللمجلس الجماعي في ميدان التسيير الإداري

بعد ذلك تمت المصادقة على ميثاق جديد في أكتوبر 2002، والذي ميز محطة جديدة في علاقات الجماعات المحلية والسلطة المركزية
ويحيل هذا النص الذي خول صلاحيات جديدة للمجلس الجماعي، على أسلوب جديد في تدبير الشؤون المحلية

وحدد ميثاق 2002 أهدافا سياسية تتعلق بتعزيز ترسيخ إرساء ديمقراطية القرب، وتحسين النظام التمثيلي ومشاركة المواطنين في تدبير الشأن العام
وعلى الصعيد السوسيو ـ اقتصادي، يرمي النص إلى تطوير تدبير المجال الترابي والتهيئة الملائمة للمجال وتقوية قدرات تدخل المؤسسة المحلية في القطاعات الاجتماعية بهدف تقليص الفوارق بين الجهات
ولا يمكن بلوغ أهداف الجهود التي بذلت في مجال التشريع وتقوية الموارد الترابية، خاصة عبر مراجعة الجبايات المحلية، من دون تغيير العقليات وإشراك أكبر للمنتخبين في إيجاد الحلول للمشاكل على المستوى المحلي

وبما أن التنمية الشاملة للبلاد مرتبطة في جانبها الأكبر بدرجات التقدم المنجزة على المستوى الجهوي، فإن التركيز على التنمية المحلية أصبح يكتسي ضرورة قصوى وذلك بالتركيز على تشجيع الاستثمار وتحقيق برامج التنمية الاقتصادية وإعطاء الأولوية للمجالات التي تهم السكان

الندوة 3
تطورات مسلسل اللامركزية بالمغرب



في إطار تعزيز الديمقراطية المحلية، وبلورة الحريات العامة، وبغية إشراك المواطنين في تدبير الشؤون المحلية،

اعتمدت المملكة المغربية منذ سنوات الاستقلال الأولى نهج اللامركزية بالبلاد
وهكذا سُجِّل تطور ملموس في ما يتعلق بالجهاز القانوني والموارد المالية والبشرية على مدى أزيد من أربعين عاماً، وعلى مراحل عدة، سعياً إلى تعزيز استقلالية الهيئات المنتخَبة، في سبيل جعل اللامركزية رافعة حقيقية للتنمية

وشكلت اللامركزية، التي تمثل خياراً لا رجعة فيه وورشاً يحظى بالأولوية، موضوعَ عدد من الإصلاحات، تتوخى تمكين المواطنين من أن تكون لديهم إدارة قريبة وفعالة تصغي إلى انتظاراتهم وتطلعاتهم

وفي هذا الصدد، شكّل الميثاق الجماعي المؤرخ في 23 يونيو 1960 أول نص ذي طابع عام؛ وقد سبقه نصّان ينظّمان انتخاب المجالس البلدية ويرسمان الحدود الترابية للجماعات

وأحدث الظهير المؤرخ في 12 دجنبر 1963 مستوى ثانياً من اللامركزية على مستوى مجالس العمالات والأقاليم

لقد شهدت اللامركزية على مستوى الجماعات إصلاحاً جذرياً في العام 1976 من خلال اعتماد إطار قانوني جديد خوّل الجماعات مسؤوليات واسعة في ما يتعلق بتدبير الشؤون المحلية، ونقل سلطة إجراء مداولات المجالس من ممثل الدولة إلى رئيس المجلس الجماعي باعت
باره سلطة منتخَبة
كما تم تعزيز مسلسل اللامركزية عام 1992 من خلال إحداث الجهة، باعتبارها جماعة محلية ذات اختصاص، تشكّل إطاراً ملائماً لتطوير آليات ومناهج جديدة كفيلة بتثمين أمثل للموارد البشرية والطبيعية والبيئية للجهة
كما أنها تمثل إطاراً حيزياً يضم أبعاداً اقتصادية واجتماعية وثقافية، تقوم على تعزيز أسس الديمقراطية المحلية، والتضامن داخلياً وخارجياً بين الجهات والتنسيق بين مختلف الفاعلين الذين يكوّنون الجهة بغية تحقيق تنمية محلية مندمجة ومتنوعة
وهكذا حدّد ظهير 2 أبريل 1997 تنظيم الجهة على أساس تعزيز الممارسات الديمقراطية، من خلال تمكين مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والسياسيين وباقي مكوّنات المجتمع المدني، من استثمار الجهة باعتبارها فضاء جديداً للتفكير والحوار والعمل
وقد حدت رغبة صاحب الجلالة الملك محمد السادس في ملاءمة اللامركزية عموماً والمؤسسات المحلية على وجه الخصوص مع التغيرات التي يشهدها المغرب، بالسلطات العمومية في 1992 إلى إجراء مراجعة عميقة للنظام القانوني المنظّم للجماعات وجماعات العمالات والأقاليم

ويأتي هذا التجدّد في اللامركزية في سياق عامّ سماته الرئيسية : ـ تعزيز الديمقراطية، ولا سيما عن طريق مراجعة الدستور سنة 1996 مما يؤكّد تمسّك المملكة المغربية بحقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها دولياً
ـ تعزيز دولة الحق
ـ ظهور المفهوم الجديد للسلطة
ـ تنظيم العمليات الانتخابية على نحو أسفر عن تجديد وتشبيب وتحسين مستوى تكوين المنتخَبين المحليين
ويتمحور الإطار القانوني الجديد المنظّم للجماعات المحلية حول المحاور التالية : ـ إحداث قانون أساسي للمنتخَب، مع تحديد الواجبات والحقوق، وذلك لأول مرة في تاريخ اللامركزية بالمغرب
ـ توسيع حقل الاستقلالية المحلية من خلال مفهوم جديد لجدول الاختصاصات المحلية يرتكز على مبدأ المساعدة، من أجل تخويل المستوى المحلي صلاحيات أكثر اتساعاً في ما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية
ـ وضع الإطار القانوني لنقل الصلاحيات التي يمكن أن تفوّضها الدولة للجماعات المحلية لاحقاً
ـ تعزيز آليات مراقبة وتخليق ممارسة الولاية الانتخابية حمايةً للمصلحة العامة والمال العام
ـ تعزيز المراقبة الخارجية، ولا سيما من خلال خلق محاكم مالية، أي المحاكم الجهوية للحسابات
ـ تخفيف جهاز الوصاية من خلال خفض عدد القرارات التي تخضع للموافقة، وخفض آجال الموافقة، وكذا من خلال تفويض سلطة الموافقة إلى الولاة والعمّال
ـ إحداث نظام جديد للجماعات الحضرية التي يفوق عدد سكانها 500 ألف نسمة، عبر إنشاء مجلس جماعي مكلّف بتدبير شؤون الجماعة، وأيضاً من خلال مجالس المقاطعات التي لا تملك شخصية قانونية غير أنها تتمتع باستقلالية إدارية ومالية، وتتولى تدبير شؤون القرب

لقد صاحبت قوانين اللامركزية إن على مستوى الجماعة، أو العمالة أو الإقليم أو الجهة، جملةٌ من إجراءات المواكبة تتوخى تمكين الهيئات المنتخَبة من أداء مهامها في أمثل الظروف التي تضمن الفعالية ونجاعة الأداء

وإذا كانت الموارد المالية التي تملكها الجماعات المحلية تكفل لها الاستقلالية عن الدولة، فإن هذه الكيانات تملك نظاماً جبائياً محلياً، مع تمتعها بالاختصاص في تحديد آليات وضع أساس معدلات بعض أنواع الضريبة، وكذا آليات تحصيلها، وتحديدها
والواقع أن النظام الجبائي الحالي المحدَث بموجب ظهير 21 نونبر 1989 قد عزّز الاستقلالية المالية للجماعات المحلية من خلال توسيع نطاق الموارد الخاصة
وقد تعزّز هذا النظام بتحويل حصة تعادل 30 في المائة على الأقل من ناتج الضريبة على القيمة المضافة إلى الجماعات المحلية، زيادة على ثلاث ضرائب حصّلتها مصالح الدولة وتم تخصيصها للجماعات اللامركزية ضريبة التجارة، ضريبة النظافة، والضريبة الحضرية، وكذا الموارد الغابوية التي تستفيد منها الجماعات القروية منذ عام 1977
وفضلاً عن ذلك، فإن الجماعات تتوفر على هيئة خاصة من الموظفين، ينظمها القانون الأساسي الخاص بالموظفين الجماعيين المؤرخ في 27 شتنبر 1977 الذي يحدد المقتضيات الخاصة التي يخضع لها هؤلاء الموظفون، الذين يتجاوز عددهم 146 ألف إطار وعون، استفادوا من دورات تكوينية في الشُّعَب التي تلبي حاجيات هذه الجماعات

ويبدو اليوم لزاماً، بعد الإصلاحات التي طرأت على القوانين المنظِّمة لتنظيم الجماعات، والعمالات والأقاليم، ملاءمة الإطار القانوني والتنظيمي مع السياق الجديد الذي تشهده اللامركزية

ولهذا الغرض تم وضع برنامج لدعم اللامركزية، يشمل مراجعة النصوص المتعلقة بالنظام الجبائي المحلي، وبالتنظيم المالي للجماعات المحلية وبنظام المحاسبة فيها
ويتوخى هذا الجهاز تبسيط وتحسين مردودية النظام الجبائي المحلي، وتأهيل الإدارة الجبائية المحلية، وخلق انسجام ما بين النظام الجبائي المحلي والنظام الجبائي الوطني
وأخيراً، وفي إطار دعم الجماعات المحلية، تُبذَل جهود في سبيل ضمان نجاح سياسة اللامركزية، ولا سيما عن طريق توفير الدعم القانوني للجماعات المحلية، ودعم برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية محلياً، وأيضاً عن طريق تعزيز قدرات هذه الكيانات على مستوى التسيير وعلى المستوى التقني

الندوة 4
توسيع اختصاصات الجماعات المحلية حسب الفعالية والقدرة على المردودية

ناقش موضوع التوسع العمراني للمدن إمكانية تعزيز دور الجماعات المحلية في إنجاز وثائق التعمير،

وتمكينها من آليات تمويلية جديدة قصد تحكم أفضل في التوسع العمراني، ووضع نظام قانوني قصد مواكبة إنجاز التجمعات الكبرى، اعتبارا لأهمية "إيجاد روابط بين الاستراتيجية الوطنية والاستراتيجيات التنموية المحلية"، مع "خلق انسجام بين المدن على مستوى وثائق للتعمير

وهذا ما دعا إليه ملتقى الجماعات المحلية مع تحديد اختصاصات كل الفاعلين المتدخلين في إعداد مخططات التعمير مع الحرص على وضع آلية للتنسيق بينهم سواء من السلطة المحلية أو الهيئات المنتخبة، مع الحرص على "تفعيل مخططات التعمير المنجزة والتنسيق بين مكوناتها وخلق الترابط والتمفصل بينها".

الملتقى لم يغفل الأهمية الكبرى للموارد البشرية، بما فيها رؤساء المجالس البلدية، من خلال التكوين والتأهيل والتواصل والتحسيس في مجال مواكبة مشاريع التعمير
أما على مستوى الأدوات التمويلية الجديدة الواجب تخويلها لتمكين الجماعات من التحكم في التوسع العمراني، فقد دعا الملتقى إلى مراجعة المنظومة الجبائية المحلية ومساعدة الجماعات المحلية في وضع آليات لاستخلاص جميع الضرائب واستخلاص المستحقات المتأخرة

وطالب بوضع رسوم ضريبية تسير في اتجاه إرساء العدالة الضريبية في ما يتعلق بالأراضي غير المبنية والبقع الأرضية الموجودة داخل المدار الحضري أو التي ستدخل ضمنه.

وشدد على ضرورة منح الجماعات المحلية سلطة أوسع في استخلاص الضرائب، كما دعا بعض المتدخلين إلى إحداث صندوق دعم خاص لعمليات التهيئة العقارية، مع خلق نظام تنافسي بين الجماعات

وبالنسبة إلى بعض المتدخلين، فقد بات من الأهمية بمكان توفير الدعم للجماعات المحلية حسب عطائها وفعاليتها وجودة تدبيرها، داعين إلى منح الجماعات قروضا بشروط تفضيلية

وبعد أن أكدت ضرورة ملاءمة القوانين مع الممارسة في مجال التعمير، أبرزت بعض المداخلات أهمية وضع قانون توجيهي للعقار الحضري خاصة بضواحي المدن، والذي من شأنه أن يمكن الجماعات من التوفر على »احتياطي عقاري« والتحكم في توسع المجال الحضري.

وطالب المشاركون بتبني معالجة جريئة للإشكاليات المرتبطة بتدبير العقار، وإعادة النظر في التقطيع الإداري على مستوى بعض الجماعات، مع إصلاح قانون نزع الملكية.

ونال إصلاح النظام المؤسساتي وطريقة تدبير النقل العمومي نصيبه من اهتمام الملتقى، حيث إن النمو الديموغرافي وازدياد حركة التنقل والصعوبات التي تواجهها وكالات النقل وارتفاع كلفة الطاقة، يحتم على الدولة التدخل عبر وضع نصوص قانونية ملائمة للتطور الحضري، وأيضا بضخ تمويلات إضافية خاصة في المدن الكبرى.

هذا الرهان يتطلب في الواقع، وضع مخطط للتنقلات الحضرية يهم جميع مدن المملكة، وإعداد استراتيجية واضحة في مجال التمويل كفيلة بتكييف هاجس التوازن المالي مع الخدمات ذات التوجه الاجتماعي.

ومن بين التوصيات التي خرج بها الملتقى، بهذا الخصوص، تنظيم أنشطة من شأنها تحقيق تكاملية أفضل بين مختلف وسائل النقل العمومي، والدفع بالشراكة بين القطاعين العام والخاص لجذب الاستثمار وتطوير الخبرة في القطاع مع العمل على خلق تجمع للجماعات من خلال وضع إطار لمجموعة الجماعات المحلية.
المداخلة الخامسة/ الاستاذ ميلود بلقاضي
الأكيد أن مشروع الحكم الذاتي الموسع الذي اقترحه المغرب باعتباره حلا نهائيا للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية سيحتم على الدولة إدخال تعديلات جوهرية على الميثاق الجماعي المتعلق بالجماعات المحلية لمواكبة كل التحديات البشرية
والسياسية والاقتصادية والتنظيمية والقانونية والسلوكية التي يمكن أن يطرحها الحكم الذاتي
ويجب أن تهم هذه التعديلات ثلاثة جوانب مهمة : أولا، إعادة النظر في الوصاية على الجماعات المحلية
ثانيا، إعطاء صلاحيات لرؤساء الجماعات في ظل الاستقلالية
ثالثا، تقوية آليات المراقبة والمحاسبة القبلية والبعدية
1- الوصاية والسلطات المحلية والجماعات المحلية : هناك شبه إجماع حول التأثير السلبي للوصاية على تنمية الجماعات المحلية، خصوصا إذا عرفنا العلاقات غير السليمة وغير الشفافية وغير الديمقراطية القائمة بين مسؤولي السلطات المحلية والجماعات المحلية، حيث يجري استغلال الوصاية من طرف مسؤولي السلطات المحلية لابتزاز المسؤولين الجماعيين للمصادقة على مشاريعهم المقدمة إلى مصالحهم، بالإضافة إلى استغلال هذه الوصاية في المشاريع التنموية الجماعية، إذ تغلب العلاقات الشخصية على المناقصة الديمقراطية
وتؤثر هذه الممارسة من طرف مسؤولي الجماعات المحلية على التنمية الجماعية اقتصاديا وسياسيا وثقافيا
وهكذا عوض أن يكون مسؤولو السلطات الوصية مساهمين في تنمية الجماعات عبر تطبيق القانون والمراقبة القبلية والبعدية للمسؤولين الجماعيين، ومتابعتهم في حالة ثبوت التلاعب بالمال العام للجماعات المحلية نجدهم يغضون الطرف عنهم
وعلى هذا الأساس، ولكي تقوم الجماعات المحلية بدورها التنموي في إطار التنمية الوطنية العامة، وجب إعادة النظر جوهريا في وصاية مسؤولي السلطات والمراجعة الجذرية للميثاق الجماعي لإزالة كل مسببات ترسيخ الممارسة الديمقراطية الحقة، وإعطاء الاستقلالية للمجلس الجماعي وتمكين المسؤولين الجماعيين من ممارسة الرقابة على الرئيس وأعضاء المكتب مع وضع حد لتدخلات السلطات الوصية وجعلها مساعدة في تنفيذ المشاريع التنموية

وهذا لن يتحقق إلا بإجراء مراجعة عميقة للإطار القانوني المنظم للجماعات والعمالات والأقاليم
وأعتقد أن الاستغلال السلبي للوصاية من طرف السلطات المحلية يتناقض والخطاب الملكي الذي حدد بعد نقل مسؤولية التنفيذ إلى الولاة والعمال
يقول صاحب الجلالة

هذا النظام الذي يهدف أساسا إلى نقل مسؤولية تنفيذ السياسة الحكومية العامة، على الصعيدين المحلي والجهوي، إلى الولاة والعمال، بصفتهم ممثلين للدولة على المستوى الترابي، والتأكد من الإنجاز الفعلي لبرامج الحكومة من طرف المصالح اللاممركزة، والنهوض بدور المحاور المؤهل، لدعم المجهود الذي يقوم به المنتخبون، والفاعلون الاقتصاديون المحليون
وهو ما يعني أن الولاة والعمال مسؤولين مباشرين عن سوء استعمال الوصاية من طرف مصالحهم
2- إعطاء صلاحيات لرؤساء الجماعات المحلية : هناك تناقض في الميثاق الجماعي لسنة 1976 وحتى المعدل سنة 2002، ويتجلى هذا التناقض في الدعوة إلى تأهيل الجماعات المحلية وجعلها رافعة للتنمية المحلية وتقوية وصاية السلطات عليها، خصوصا في مسألة جعل الوالي هو الآمر بالصرف

وأعتقد أن هذه المسألة كانت حاضرة في أشغال الملتقى الوطني للجماعات المحلية الأسبوع المنصرم بأكادير، إذ طرحت مسألة تمتيع المجالس الجماعية بالاستقلالية التامة عن السلطات المحلية والإقليمية التنفيذية، سواء تعلق الأمر بالتقرير أو التنفيذ، إضافة إلى دعم الجماعات المحلية بالحد الأدنى من الموارد المالية والبشرية وفق حاجيات كل جماعة

وجعل بعض البنود في الميثاق الجماعي أكثر مرونة لتشجيع الجماعات القيام باستغلال ثروات الجماعة أو البحث عن موارد مالية إضافية

وهذا ما عبر عنه صاحب الجلالة في خطابه الموجه للمشاركين في الملتقى الوطني للجماعات المحلية ليوم 12 دجنبر 2006 »وبالرغم مما تتوفر عليه الجماعات المحلية، من موارد مستقلة ومهمة، فإن تفعيل هذه الصلاحيات يستوجب إصلاح النظام الجبائي والمالي والمحاسبي، لهذه الجماعات، في اتجاه تبسيطه، وتحسين تدبيره، والرفع من مردوديته

وأضاف جلالته وبالرغم من توفر الجماعات المحلية على عدة صلاحيات قانونية، لتدبير الشأن المحلي، فإن جولاتنا التفقدية، لمختلف ربوع المملكة، قد مكنتنا من الوقوف الميداني، على التفاوت الحاصل بين متطلبات النمو الاقتصادي، والتجهيزات الحالية، ببعض المناطق

وعليه فإن منح الجماعات استقلالية موسعة وربط ذلك بإدارة مالية جيدة تعد اليوم الدعامة الأساسية للحكامة الشاملة، وهذا ما يتماشى وفلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
3- تقوية آليات المراقبة : من أهم الثغرات في الميثاق الجماعي المغربي ضعف آليات مساطر المراقبة القبلية والبعدية
ولا أدري لماذا لم يفكر واضعو الميثاق الجماعي المغربي في الاستفادة من تجارب دولية أخرى في هذا الباب، حيث يتم إنشاء هيئة وطنية مختصة بمحاسبة المسؤولين الجماعين ولها صلاحيات إحالة الملفات على القضاء في تنسيق مع المجلس الأعلى للحسابات وتجريم كل أشكال النهب الذي يمارس بالجماعات وتوفير الآليات الناجعة للمراقبة، وتخليق تدبير الشأن المحلي

لقد أصبحت الرقابة المالية والتدبير المالي الجيد يكتسبان أهمية قصوى في أدبيات الحكامة لا من ناحية تقوية نسبة نجاح المشاريع التنموية، بل أيضا محاربة الرشوة والفساد بكل أشكاله، وهذا يبقى رهينا بالإرادة السياسية للدولة

نستنتج من كل هذا أن على الدولة الإسراع بتعديل جذري للميثاق الجماعي الحالي وتبسيط المساطر للتعامل مع الجماعات المحلية في كل المجالات التنموية، حتى تصبح الجماعات شريكا استراتيجيا في التنمية، في ظل تعزيز الديمقراطية، ودولة الحق والمؤسسات، وإرساء المفهوم الجديد للسلطة، وكذا توسيع استقلالية وصلاحيات المجالس المنتخبة، في مجال التنمية، فضلا عن تقليص الوصاية، وضرورة تعزيز المجالس الجهوية للحسابات، إصلاح النصوص الشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمحاسبة والقانون التنظيمي للمالية واعتماد نظام جديد وشفاف للمساءلة، وتوفير الشروط الموضوعية لتجسيد الممارسة الديمقراطية الحقيقية بهدف جعل الجماعة المحلية فضاء تنمويا فعليا
وخير ما نختتم به هذا المقال الموجز فقرة من الخطاب الملكي الموجه إلى المشاركين في ملتقى أكادير الأخير يشكل هذا الملتقى الوطني، الذي ينعقد تحت شعار »تنمية المدن مواطنة ومسؤولية«، فرصة سانحة للمنتخبين المحليين، وممثلي السلطات العمومية، وهيئات المجتمع المدني، لتقييم ما تحقق من إنجازات، وبرامج تنموية متكاملة، ورصد مكامن الخلل في تدبيرها، وكذا التفكير في أنماط جديدة من التسيير، تمكنها من رفع تحديات العولمة والتنافسية الدولية للمدن«

فمتى ستفهم السلطات المحلية والأحزاب السياسية المسؤولة عن منح التزكية للمسؤولين الجماعيين فلفسة حكم العهد الجديد الذي أراد من عقد الملتقى الوطني حول الجماعات المحلية من جعل تنمية الجماعة والمدينة مواطنة ومسؤولية وواجب وطني

السبت، 27 أكتوبر 2007

التحولات الاجتماعية والقيميةمدخل لمقاربة تقرير الخمسينية/مقاربة سوسيولوجية للحكامة

التحولات الاجتماعية والقيميةمدخل لمقاربة تقرير الخمسينية/مقاربة سوسيولوجية للحكامة
ـــــــــــــ
ـــــــــــــ
www.tanmia.ma
المصدر محمد مصباح1-موقع تقرير الخمسينية:www.rdh50.ma 2-المغرب الممكن,50 سنة من التنمية البشرية.-3الحكامة و الديمقراطية:يحيى اليحياوي, جريدة العلم,15 غشت 20044-الحكامة الرشيدة و المجتمع المدني: عبد الله ابو اياد العلوي.
مدخل عام:موضوع الحكامة من المفاهيم المتداولة في المغرب في الفترة الراهنة,وتندرج أهميته من الناحية العلمية بقلة الدراسات حوله, كما أن أغلب هذه الدراسات التي اطلعت عليها تركز على الأبعاد السياسية و الإدارية,لذلك فالمقاربة السوسيولوجية للموضوع التي اعتمدتها في هذا العرض ستكون محكومة بهذا المحدد المنهجي الأساسي,و من المعلوم في مجال البحث العلمي أن العوائق هي مداخل للإنتاج و التوليد.فما هي الحكامة ؟ وما هي القيم التي تحملها؟ - الحكامة بالمغرب: نجد خطابا مهما حول هذا الموضوع,يغلب عليه الطابع السياسي,لكن السؤال المطروح,ما هي الفرص و الإكراهات أمام تحقيق نظام الحكامة بالمغرب؟المؤشر الذي يعتمده هذا البحث هو تقرير الخمسينية باعتباره أهم المرجعيات التي يمكن الاستناد إليها في دراسة هذا الموضوع,و هذا راجع بالأساس إلى كون ثلة من الباحثين في تخصصات علمية مختلفة شاركوا في هذا البحث(بورقية,الطوزي,رشيق,عبد ربي...)و كان للمقاربة السوسيولوجية حضور هام من خلال الورقة التي قدمت حول التحولات الاجتماعية بالمغرب و كذا البحث الوطني حول القيم.الإشكالية:إلى أي حد كانت المقاربة السوسيولوجية حاضرة في الرؤية التي اعتمدها التقرير حول قضية الحكامة؟الفرضية:نضع في البداية فرضية بمثابة إجابة أولية و هي أن التقرير كان محكوما بالبعد السياسي و الإداري للموضوع ,و أن الأبعاد السوسيولوجية قد تم دراستها في سياق مستقل ضمن ورقة التحولات الاجتماعية بالمغرب، فإلى أي حد يمكن استثمار هذه الورقة و نتائجها في فهم البعد السوسيولوجي للحكامة؟ملاحظة:لا نهتم في هذا العرض برصد ميداني بحضور الحكامة مثلا,في الخطاب الشفوي للمواطنين(التمثلات الاجتماعية للحكامة ...),و لا أهتم بنتائج البنية المؤسساتية لنظام الحكامة,ذلك أن السياق الوطني كما يبدو من خلال التقرير يتحدث عن الحكامة كأفق و رهان و ليس كمعطى موجود ,بمعنى أننا سنتحدث عن البعد السوسيولوجي كعائق نحو إنجازها.المنهج:سنعتمد في هذا العرض على المقاربة المفهومية من خلال تحديد مفهوم الحكامة و القيم الاجتماعية التي يحملها,و عن القيم السائدة في المجتمع,نشير إلى بعضها:قيم الحكامة القيم السائدةالمشاركة الإقصاءالمحاسبة الإفلات من العقابالشفافية الرشوة.................... ......................و هذا سيجرنا إلى الحديث عن جدل التحديث (الحكامة)و التقليد,أي إلى أي حد تستجيب البنية الاجتماعية للقيم الجديدة التي يحملها نظام الحكامة؟أم أننا سنعرف صراعا بين القيم الجديدة(الحكامة)و القيم السائدة؟.التصميم:1. الحكامة:تحديد مفهوميمفهوم الحكامة gouvernance يندرج ضمن المفاهيم الأساسية لهذا العقد من الزمن,و هي حسب المفكر يحيى اليحياوي ,صنيعة نيوليبرالية خالصة,صممت شكلها و مضمونها المؤسسات المالية و الاقتصادية العالمية,و لفظ gouvernance يفيد معنى الرقابة و التوصية و التدبير,و هي ترتكز على ثلاث معطيات أساسية:1) الفاعل يساهم في صناعة القرار المحلي(نخبة محلية): تتكون من جمعيات المجتمع المدني, نقابات, أحزاب سياسية, مثقفين بالإضافة إلى السلطة.2) وجود قرار محلي مستقل:أي عدم تدخل السلطة المركزية في صياغة القرارات المحلية مع عدم تجاوز كل طرف لاختصاصات الآخر.3)مبدأ التشاركية :مشاركة جميع الفاعلين في صياغة القرار,و تقوية النقاش العمومي من خلال إرساء تقاليد قوية لتناظر أيديولوجي و علمي بعيدا عن النزعة الفئوية الضيقة.انطلاقا من المعطيات الثلاثة السابقة , فالحكامة تسائل الديمقراطية القائمة ببعدها التمثيلي منه و التشاركي,و تجمع بين الرقابة من أعلى-الدولة- و الرقابة من أسفل-المجتمع المدني-,و تتغيى التدبير السليم للشؤون العامة و للموارد و الإمكانات البشرية منها و المادية .مبادئ الحكامة:*الرؤية الإستراتيجية:أي الرؤية المنطلقة من المعطيات الثقافية و الاجتماعية الهادفة إلى تحسين شؤون الناس و تنمية المجتمع و القدرات البشرية.*المشاركة و المساواة:أي حق الرجل و المرأة في الترشيح و التصويت و إبداء الرأي ديمقراطيا في البرامج و السياسات و القرارات, و الحصول على الفرص المتساوية في الارتقاء الاجتماعي.*حكم القانون:أي أن القانون هو المرجعية و سيادته على الجميع بدون استثناء و فصل السلط , و استقلالية القضاء ,ووضوح القوانين و شفافيتها و انسجامها في التطبيق.*الشفافية:تعني توفر المعلومات الدقيقة في وقتها و إفساح المجال أمام الجميع للاطلاع على المعلومات الضرورية مما يساعد في اتخاذ القرارات الصالحة و كذلك من اجل توسيع دائرة المشاركة و الرقابة و المحاسبة و من اجل التخفيف من الهذر و محاصرة الفساد.*الفعالية:أي توفر القدرة على تنفيذ المشاريع التي تستجيب لحاجيات المواطنين و تطلعاتهم على أساس إدارة عقلانية و راشدة للموارد.*المحاسبة:يقصد بها امتثال جميع الأجهزة و الأفراد و المرجعيات للمساءلة و التقويم و المتابعة في حالة التقصير , و المتابعة القضائية في حالة التبديد او استغلال النفوذ.يبدو لنا أن الحكامة تحمل قيما مؤسساتية(المحاسبة..)و قيم اقتصادية(حسن التسيير..)و قيم سياسية(الديمقراطية,المواطنة..),و هذه كلها قيم اجتماعية تكون المبادئ الأساسية لنظام الحكامة.2. الحكامة في تقرير الخمسينية:يعتبر تقرير الخمسينية بحثا مهما حول حالة المغرب منذ الاستقلال إلى اليوم, و نجد في البحث الموضوعاتي فصلا خاصا بالحكامة و التسيير الإداري,يغلب عليه البعد السياسي و الإداري,و سنحاول قراءة التقرير قراءة سوسيولوجية من خلال توظيف الورقة التي قدمت حول التحولات الاجتماعية بالمغرب, و البحث الوطني حول القيم.و من خلال قراءة أولية لهذه الوثائق,تبين لي أن التقرير ككل, لم يتحدث عن وجود نظام الحكامة بالمغرب بل بالأحرى "إمكانية" وجوده كرهان و كممكن, ف"هذه المحاولات الرامية إلى تفعيل الحكامة الترابية,لم تحقق النتائج المتوخاة منها, إذ أن الانزلاقات الحاصلة، والطابع العرضي وغير المستقر للتحالفات الحزبية المحلية، والتكوين المتفاوت للمنتخبين، وسوء التدبير، والتقطيع الترابي غير الملائم كلها عوامل، من بين أخرى، أضرت بالتنمية البشرية، في العديد من الجماعات القروية والحضرية,هذا من جهة ,من جهة أخرى, عرفت الحكامة نقائص كبيرة على المستوى الإداري المركزي، و كذا على مستوى الهيئات الوطنية اللامركزية,بالرغم من بعض التصورات الظرفية والمحلي ، ويتجلى ذلك في تفشي وتكريس التلاعب بالمال العام، وتهريب الأموال,والرشوة والمحسوبية، والزبونية، على الرغم من التدابير والنوايا الحسنة، ومن بينها الإعلان عن ميثاق لحسن التدبير،وشفافية إجراء الصفقات العمومية، وإدخال قواعد متكافئة في مجال تدبير الموارد البشرية، وإنشاء المجالس الجهوية للحسابات، والشروع في إصلاح القضاء، وخاصة بإنشاء المحاكم الإدارية والمحاكم التجارية، واللجوء المتواتر إلى الافتحاصات الخارجية.وإذا كان نجاح اللامركزية وتعميم الحكامة الديمقراطية الترابية يتوقف على التحكم الجيد في المسالك المنبثقة على مستوى المصداقية وتنمية قدرات الهيئات المحلية، فإنه لا يمكن ربح هذا الرهان آليا دون نهج تصور جهوي متجدد، ودون ضمان تكامل و مواكبة ضروريين لأية لامركزية فعلية، أي لا مركزية إدارية حقة,أي إننا حسب التقرير نفسه, أمام "نمط حكامة ما زال يبحث عن نفسه".1البحث الوطني حول القيم(ENV 2004) يذهب إلى منظومة القيم عرفت تحولات على عدة مستويات , فالمجتمع المغربي ورث مجموعة من القيم التقليدية تعود الى فترة الاستقلال,و هذه الأخيرة تأثر في علاقات الأفراد و الجماعات مع الدولة و الجماعات,كما يذهب نفس التقرير إلى أن الدين و العرف هما أهم مصادر القيم , و أن اتجاه منظومة القيم بالمغرب يعرف أزمة"crise de valeurs" ,فهو ليس متماسك و ملتحم,بل يعكس صراعا بين القيم التقليدية و القيم الحديثة,فالإكراهات البنيوية تدفع الناس إلى ترك القيم التقليدية أو تكييفها مع المعطى الجديد.أما ورقة التحولات للاجتماعية بالمغرب فتذهب إلى أن المجتمع المغربي يعرف تحولات اجتماعية عميقة,"إنه مجتمع يتمدن وأنماط عيشه تتغير؛ مجتمع يشهد تغييرات مهمة على مستوى البنية الأسرية والمساهمة النسائية,كما أنه مجتمع يطور قنوات جديدة للتعبير ويعرف ظهور فاعلين جدد؛ مجتمع تعيش مرجعية قيمه سيرورة تحول، مع كونه ما يزال مترددا إزاء الحداثة. "كما أن التغيير قد طال أيضا أشكال العمل والمشاغل الاجتماعية" بصفة عامة. لقد انتقلت العديد من الحرف والمهن إلى قطاعات الاقتصاد الحديثة., الحكامة و القيم السوسيولوجية:هذه الديناميكية الاجتماعية تدفعنا إلى البحث عن إمكانية مواكبتها للرهانات ذات البعد الكوني(الحكامة),و تبيئة هذا المفهوم و إعطاءه صبغة محلية من خلال موائمته مع القيم السائدة و تجاوز القيم التقليدية التي تحول دون تفعيل الحكامة ,فكما يبدو لنا فالحكامة تتضمن قيم مؤسساتية(المحاسبة,المأسسة..),وقيم إقتصادية(الشفافية, التخطيط..),و قيم سياسية(الديمقراطية,المواطنة..) و هذه كلها قيم اجتماعية يحملها نظام الحكامة. و هنا تظهر أهمية البحث السوسيولوجي في الكشف عي الميكانيزمات و الآليات التي تسمح بفهم التحولات العميقة التي يعرفها المجتمع .خلاصة:يبقى البعد السوسيولوجي حول الحكامة مهما كأفق للبحث لتجاوز التضخم في الخطاب السياسي حوله, و ذلك من خلال:-فهم الظاهرة المجتمعية في العمق ببلادنا, من حيث البنية و طبيعة الحركية و التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي.-الإشتغال على نظام القيم المجتمعية و مدى استقبالها لنظام الحداثة(الحكامة).و في الأخير هل تمت مثلا,دراسة حول تمثلات الفاعلين(المثقفين,رؤساء الأحزاب,المجتمع المدني...)لهذه المفاهيم؟و مدى تقييمهم لبعدها السوسيولوجي؟ :
الحكامة والديموقراطية ... يحيى اليحياوي

أفق : الأثنين 06 يونيو 2005


-1-

ترتكز موضوعة الحكامة, في منطوقها كما في فلسفتها, على ثلاثة تحديدات مركزية تضبط لها المحتوى والمضمون وترسم لها الفضاء والأبعاد:

- فهي تتوخى, بداية, مقاربة التطورات والتحولات التي تطاول المنظمات العمومية المشاع أنها تمر بمرحلة أزمة في المشروعية, وتطاول أيضا ولربما بالقدر ذاته, المنظمات الخاصة المهووسة دائما بقضايا التنظيم الداخلي (اليومي كما الاستراتيجي) والخاضعة باستمرار لسلطان التسيير والتدبير وما سواهما.

موضوعة الحكامة من هنا إنما تعتمل داخل المنظمات كما داخل المجموعات كما بصلب النظام العام, ليس فقط لكونها معرضة (في فردانيتها أو في اجتماعها) لتحديات عالم معقد ومضطرب أيما يكن التعقيد والاضطراب, ولكن أيضا لأنها تتطلع في معظمها إلى صياغة نمط في الحكم تتقوض بداخله الحدود الفاصلة بين الفضاءات وأولاها الفضاء المميز بين القطاعين العام والخاص.

- وهي تطمح, ثانية, إلى ترجمة أشكال التنظيم الجديدة المحلي منها كما الدولاتي كما الدولي كما الكوني سواء بسواء...إما في أفق البحث عن ترابطات بين مختلف المستويات المجالية القائمة أو بجهة خلق تراتبية جديدة بين شتى ضروب التقاطع الناظمة لطبيعة الصراعات والمصالح المستفحلة في ظل العولمة وانفتاح المجالات.

- وهي تتغيأ, فضلا عن كل هذا وذاك, إقامة منظومة وصفية وتحليلية (في أفق تأطير مفاهيمي ما) يكون من شأنها البناء "لوصفات" قابلة للتطبيق بهذه الجهة من العالم أو تلك... من قبيل مفهوم "الحكامة الجيدة" التي وضعتها المؤسسات المالية الدولية ولا تتوانى في الدفع بها والدفاع عنها في الزمن كما في المكان.
بالتالي, فـ "مفهوم" الحكامة (شأنه في ذلك شأن باقي مفاهيم السوسيولوجيا والاقتصاد وعلوم السياسة وغيرها) إنما يصبو لبلوغ مرتبة "الأداة العلمية" التي يكون بمقدورها ضبط وتفسير التوجهات الكبرى التي تحكم تطورات وتحولات المنظمات كما المجموعات كما نظم الحكم.

الحكامة تبقى, على الرغم من هذا التحديد أو ذاك, من هذا التطلع أو ذاك, تبقى مصطلحا لا خلفية مفاهيمية كبرى لديه تذكر, ليس فقط لأنها لم تخضع بعد لعملية تنظير مجردة أو لكونها تحيل على تخصصات مختلفة, متباينة المشارب والأدوات, ولكن أيضا لأن فضاءها إنما هو مكمن تمطيط وتمديد يبدأ بالفرد في محليته الضيقة ولا ينتهي إلا في أحضان العالم الواقعي وربما الفضاء الافتراضي مرورا بما سواهما من مستويات وسيطة.

ولما كانت كذلك وأكثر, فإن مدلولها العام (الرائج على الأقل) إنما يتغيأ الأخذ بعين الاعتبار وترجمة واقع "تهميش وتمييع دور الدولة وانفجار مد الشبكات بكل أشكالها وانتقال الحدود بين العام والخاص والبحث عن أنماط تنسيق جديدة يكون بمقدورها تمكين العمل العمومي من التكريس" والتجدير في الزمن والمكان.
إنها تتطلع إلى التذكير بـ "حقيقة" التحولات التي تطاول الاقتصاد والمؤسسات والبنى الاجتماعية والمصالح القائمة... وما سواها مجتمعة.

الحاصل, بناء على ذلك, أن الإشكال لدى أطروحة الحكامة إنما هو كامن في فشل سبل العمل والتنسيق التي كانت الدولة قائمة عليها إلى حين عهد قريب, مستبعدة في ذلك "مجهودات" القطاع الخاص ومساهمات مكونات المجتمع المدني وطموح الأفراد والجماعات في شتى أشكال تكتلاتهم المحلية أو الجهوية أو ذات الخلفيات المختلفة الأخرى.
يبدو الأمر من هنا إذن ولكأن الحكامة, بتركيزها على ذات المستويات, إنما تسائل الديموقراطية القائمة ببعديها السائدين التمثيلي منه كما التشاركي سواء بسواء.


-2-

لا تكتفي موضوعة الحكامة, الرائجة منذ مدة بأروقة المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية, بالمطالبة بالتسيير الجيد والتدبير السليم للشؤون العامة (والذي يترجمه مصطلح "الحكامة الجيدة" بامتياز), بل وتذهب إلى مستوى إلحاحها على ضرورة تعضيد ذلك بـ "جرعات" في الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان تترجم بمقتضاها قيم المواطنة و "الإحساس بالمسؤولية" ومساهمة الغالبية في تدبير إذا لم يكن الملك العام فعلى الأقل ما يعنيه الشأن العام بالجملة قبل التفصيل.

لا تنزع الحكامة من خلال هذا إضافة "جرعات جديدة " إلى معطى الديموقراطية القائم (إشراك الجمعيات, إقحام دور المنظمات الفاعلة داخل المدن وبهوامشها, الإنصات لمطالب التكتلات الحضري منها كما البدوي وما سوى ذلك), بل وتتطلع أيضا (ظاهريا على الأقل) إلى خلق فضاءات عمومية وبناء مجالات للحوار والمساهمة يكون للرأي والرأي المخالف له حضور مماثل دونما حجر على رأي هذه الجهة أو تجاهل لتوجه تلك.

بالتالي, فبقدر ما تدفع الحكامة بضرورة تسييد قيم التسيير الجيد والتدبير الرشيد للموارد والإمكانات المتاحة اقتصاديا واجتماعيا, فإنها تدفع أيضا وبالقدر ذاته إلى إلزامية مصاحبة ذلك (سياسيا ومؤسساتيا) بنظم في الحكم لا ترتكن إلى تمثيلية الجسد الانتخابي حتى بأسمى صوره وأشكاله, بل وتذهب لحد جعله في قلب صناعة القرار إذا لم يكن بالتمثيل الشاسع والواسع, فعلى الأقل بالتشاور المكثف الذي يضمن التشاركية ولا يقتصر على مستوى الانتداب غير مضمون النتائج والتبعات.

والآية من ذلك إنما ضمان شكل في الديموقراطية تشاركي مقابل شكل الديموقراطية التمثيلي السائد ...الذي يستصدر البعد التشاركي ويقصيه إلى حد بعيد حتى بوجود نصوص في اللاتمركز واللامركزية قوية وجريئة (كما بفرنسا أو بألمانيا أو بغيرهما).

وعلى هذا الأساس, فالحكامة إنما تضع الديموقراطية التمثيلية (البرلمانية عموما) في محك من أمرها ليس فقط باعتبارها إياها مركزة لآليات اتخاذ القرار ولا لكونها تحتكر (لدرجة الاستصدار) سلطة الولاية على الشأن العام, ولكن أيضا كونها تحجر على قضايا الشأن المحلي والجهوي التي غالبا ما يكون أمر البث فيها من صلاحيات مجالس منتخبة, تعمل بمبدأ القرب ولا حساب لها تقدمه إلا لهذا التجمع السكاني الضيق أو ذاك دونما حاجة من لدنها (أو إكراه) إلى وصاية من المركز أو ضرورة قانونية لطلب استشارته أو الاحتماء المسطري بما قد يصدر عنه.

قد لا يكون القصد من لدن دعاة الحكامة تقويض مرتكزات الديموقراطية التمثيلية (سيما بالدول التي لم يتسن لذات المرتكزات أن تستنبت بصلبها وتتقوى), لكنها تقصد حتما تعضيدها (بهذه الدول كما بالدول الديموقراطية) بأشكال جديدة في الديموقراطية تدمج رأي ومطلب المحلي الضيق ولا تستبعد آراء ومطالب الكوني الشاسع... المدافع (في إطار التعاون اللاممركز تحديدا) على خلق سبل في التضامن بين الأفراد والجماعات, بين القرى والمدن, بين الجهات والمجموعات, بين تجاذب المصالح والمنافع بين هذه المنطقة من العالم وتلك حتى وإن كانت مستويات نموها مختلفة لدرجة التباين المطلق.

من هنا, فمبدأ الحكامة الرائج منذ مدة لا يتغيأ فقط زرع بذور الشفافية والعدالة وسيادة مبادئ القانون في تدبير قضايا الشأن العام, بل وأيضا وبموازاة ذلك, التوكيد على أن بلوغ ذلك إنما يتجاوز ثنائية الدولة والجماعات المحلية ليطاول مختلف أطراف المعادلة الحضري منها كما القروي, ذي النزعة الفئوية الضيقة كما ذي التطلع المحلي الأوسع, المدافع عن المجموعات الهشة اقتصاديا واجتماعيا كما المطالب بصيانة الطبيعة والبيئة وهكذا.

بالتالي, فنحن بهذه النقطة, لن نكون فقط بإزاء إغناء عابر لمبادئ الديموقراطية التمثيلية التي تعارفت عليها المجموعات من قبل كما في الوقت الراهن, بل وأيضا بإزاء تجاوز بنيوي للمرتكزات الشكلية التي بنيت عليها لعقود طويلة خلت...أي بإزاء تطعيم ذات المرتكزات وتحصينها بما استجد من أشكال الحكم والتدبير العام.


-3-

يبدو إذن, على الأقل بناء على ما سبق, أن الحكامة (في صيغها المختلفة, الحضري/ البدوي منها كما الدولاتي, الترابي منها كما المركزي) إنما هي تحد للديموقراطية في شكلها التمثيلي, البرلماني والممركز... ودفعا بتمثلات في الديموقراطية جديدة قوامها الأساس المساهمة والتشاركية في صياغة القرار كما في تنفيذه بأرض الواقع.
قد لا يبدو الأمر بهذه الشاكلة (المثالية والطموحة يقول البعض) ليس فقط بالاحتكام إلى مجريات ذات الواقع, ولكن أيضا احتكاما إلى محدودية التصور في حد ذاته:

- فالحكامة صنيعة نيوليبيرالية خالصة صممت شكلها ومضمونها المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية لغايات لا تتطلع من خلالها تحديد "قواعد اللعبة" بين الدولة وما سواها من مستويات دنيا أو عليا, بل وبغرض تحجيم دور الأولى وتقويضه لفائدة هذه الأخيرة لاعتبارات قد يكون "هوس" التسيير الجيد والحكم الرشيد آخر المفكر فيه إذا لم يكن حقيقة المستبعد بالجملة والتفصيل.

- والحكامة, للاعتبار أعلاه ولغيره بالتأكيد, لا تبدو تجاوزا للديموقراطية التمثيلية, طعنا في مقوماتها, بل هي تبدو ولكأنها "إنقاذا" لشرعيتها المتآكلة ودودا عما تبقى لفاعليها من مشروعية تراجعت (في ظل العولمة) جراء طغيان المالي على الاقتصادي, الاقتصادي على السياسي, أي غير المنتخب على الذي في عهدته التزام انتخابي محليا كان أم وطنيا أم إقليميا أم ما سواه من التزامات.

يبدو الأمر بهذا الجانب إذن ولكأن الديموقراطية هي آخر المفكر فيه من لدن الحكامة, بل قد لا تعدو أن تكون مكونا من مكوناتها لدرجة تبدو معها الحكامة هي الأصل والديموقراطية هي الفرع... أي أن الحكامة ("الجيدة" تحديدا) هي التي تقود, نهاية المطاف, إلى "الديموقراطية- الحق" وليس العكس.
قد لا تكون العبرة بمن أتى الأول ولا بمن أسس للآخر, لكنها تتأتى بالتأكيد من أربع مفارقات تبدو الحكامة في خضمها على المحك أكثر من الديموقراطية في شكليها الواردين التمثيلي منه كما التشاركي سواء بسواء:

°°- فالحكامة تحيل على مستويات مختلفة وعلى فاعلين كثر تربطهم علائق متواترة ومعقدة ليس من الهين استجلاء مفاصلها ولا التثبت من طبيعتها.
إذا كان الأمر كذلك (وهو كذلك فيما نعتقد جازمين), فما السبيل لبناء شرعية مستويات كهاته متباينة ومعقدة وذات جغرافية متحركة زمنا وفي المكان, في المظهر كما في الجوهر؟

°°- ثم إنه لما كانت الحكامة تقويضا للحدود وتمييعا للمسافات في ميادين العمل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وغيرها...فكيف للمرء والحالة هاته أن يحدد المسؤوليات ويرسم فضاءات الفعل ويكون بمستطاعه, فوق كل هذا وذاك, تعيين مكامن القصور والخلل؟

°°- ولما كانت الحكامة عملية تفاعلية بين المستويات المشاركة والعمل الجماعي الواسع... فكيف التأكد بهذه الحالة مما هو صنيعة هذا المستوى أو ذاك سيما في ظل تراجع شرعيات هؤلاء وتآكل مشروعية أولئك؟

°°- ثم إن الحكامة تفترض فاعلين "مستقلين" (بإزاء الدولة أو الجهة أو ما سواهما), كيف بهذه الحالة الاتكال على هؤلاء في غياب مسؤولية جماعية تكون مكمن الديموقراطية ومصدرها؟

لعل الحاصل من هذه المفارقات إنما الاعتقاد بأن الذي هو في المحك اليوم ليس الديموقراطية, بل " منظومة" الحكامة بكل تلاوينها وأشكالها... والسر في ذلك لا يكمن في كون الحكامة دخيلة على الديموقراطية, محاولة "لتجديدها من الداخل", ولكن لأن الذين يدفعون بها (الحكامة أعني) فكرا وممارسة... إنما هم آخر من يفكر فيها أو يعتمد القرارات اليومية منها كما الاستراتيجية على خلفية من قيمها.


يحيى اليحياوي: كاتب وأكاديمي من المغرب
elyahyaoui@elyahyaoui.org

السبت، 20 أكتوبر 2007

FICHE : LES TRIBUNAUX ADMINISTRATIFS


Fiche de cours en accès libre de droit administratif, Tereza Motoc



Les textes applicables aux tribunaux administratifs sont issus d'un décret du 13 juillet 1973 et d'une loi du 16 juin 1976 pour la partie législative.

La création des Cours administratives d'appel, ainsi que d’importantes réformes qui ont suivi, ont conduit à un nouveau Code des tribunaux administratifs et des Cours administratives d'appel. Il résulte, pour la partie réglementaire, du décret du 7 septembre 1989.

Le nouveau Code des juridictions administratives est entré en vigueur le 1er janvier 2001.


ORGANISATION

Ressorts territoriaux :

28 Tribunaux administratifs métropolitains : ressort interdépartemental.

Chaque département d’outre-mer est doté d'un tribunal administratif.

Conseil du contentieux administratif :

Un seul perdure dans le departement de Wallis et Futuna : il est composé de deux fonctionnaires + du Président du Tribunal administratif le plus proche ou d’un conseiller délégué par ce dernier.


COMPOSITION

Un président + des conseillers parmi lesquels sont choisis les commissaires du Gouvernement.

Plusieurs chambres.

La loi du 8 février 1995, puis plus récemment la loi du 30 juin 2000, confie des attributions importantes à un membre du tribunal jugeant seul, le Président du Tribunal ou le magistrat qu’il délègue.


Statut des membres des Tribunaux administratifs :

Recrutement en principe assuré par l’ENA.
Recrutement complémentaire au tour extérieur.
Recrutement exceptionnel par un concours spécial. A eu lieu à la suite du statut de 1975, reconduit successivement par les lois du 10 décembre 1977, 7 juillet 1980, 6 janvier 1986, 8 février 1995, 25 mars 1997, et cela actuellement jusqu’en 2004.


Indépendance de fonction : la loi du 6 janvier 1986

La loi de 1986 a voulu donner aux juges des tribunaux administratifs des garanties de fonction analogues à celles des magistrats de l’ordre judiciaire. Cette s’applique aux conseillers des tribunaux administratifs et des Cours administratives d'appel, mais pas aux membres du Conseil d'Etat.
La loi du 25 juin 1990 et la loi du 25 mars 1997 complètent celle de 1986 : art. L 231-1 et s.
La loi affirme l’inamovibilité des « magistrats » administratifs – ils ne peuvent recevoir sans leur consentement une affectation nouvelle, meme en avancement. Cette loi institue un conseil supérieur des tribunaux administratives et traite des questions relatives à la carrière des magistrats administratifs ainsi qu’au fonctionnement de la juridiction administrative. Mais ce ne sont pas des « magistrats » au sens de la Constitution.


Rattachement du corps :

La loi du 31 décembre 1987 rattache le nouveau corps des conseillers des tribunaux administratifs et des Cours administratives d'appel au secrétariat général du Conseil d'Etat
Le décret du 19 décembre 1989 a confié au vice-président du Conseil d'Etat la gestion du corps des membres de tribunaux administratifs et des Cours administratives d'appel.


ATTRIBUTIONS

Dualité d’attributions :

Tribunaux administratifs. : à la fois des juridictions et des conseils administratifs.
Les attributions consultatives auprès du Préfet sont beaucoup moins développées que celles du Conseil d'Etat.


Attributions Contentieuses :

Depuis la réforme de 1953, les tribunaux administratifs sont devenus les juges administratifs de droit commun sous réserve d’appel devant les Cours administratives d'appel et devant le Conseil d'Etat.


Attributions Administratives :

Avis sur les questions qui leur sont soumises par les préfets de leur circonscription.

Consultation rare mais dans certains cas obligatoire : CE, 27 mai 1932, Arrêt Hannesse.

L'exercice des fonctions consultatives des tribunaux administratifs est considéré par le Conseil d'Etat comme largement compatible avec la connaissance juridictionnelle de la décision pour laquelle l’avis a été donné (C.E. 25 janvier 1980 GADIAGA) à condition toutefois que les membres du tribunal qui ont été consultés ne siègent pas dans la formation de jugement (C.A.A. Paris 23 mars 1999 SARRAN).


Autorisation de plaider :

Cas particuliers : les tribunaux administratifs ont hérité des conseils de préfecture des pouvoirs de décisions administrative.

C.E. 17 juin 1998 BERGER : autorisation de plaider ne peut etre donnée au contribuable que pour défendre les intérets matériels, pas les intérets moraux de la commune.


Appréciation et évolution :

Fonction consultative des tribunaux administratifs : uniquement des avis donnés au Préfet sur la demande de celui-ci.

Cours administratives d'appel : préfets de région.

D’éventuelles interventions consultatives ne doivent ni compliquer, ni compromettre le travail juridictionnel rapide et de qualité.

LA COMMUNE : MAIRE ET CONSEIL MUNICIPAL


Cours en accès libre de droit administratif



Trois traits caractérisent la structure communale française : l'ancienneté (les agglomérations se sont majoritairement formées au Moyen-Age, certaines datent même de l'Antiquité romaine et pré-romaine) ; la multiplicité (on en dénombre près de 37 000) ; l'exiguïté (plus de 23 000 communes ont moins de 500 habitants et 3500 n'en ont pas plus de 100).

La commune est régie actuellement par la loi du 5 avril 1884, dont la substance est passée dans le Code général des collectivités territoriales. L'étude de cette collectivité territoriale se fera en trois axes : le Conseil municipal, le maire, et la collaboration entre les communes.


SECTION 1 : LE CONSEIL MUNICIPAL

C'est l'organe délibérant élu au suffrage universel direct par les électeurs de la commune. C'est l'institution première de la commune.

Paragraphe 1 : Composition et fonctionnement

Le nombre des conseillers municipaux est variable selon l'importance de la population. Il est fixé par le Code général des collectivités territoriales (article L. 2121-2), qui énumère les divers effectifs par catégories de communes. Les communes les plus petites (moins de 100 habitants) ont 9 membres. Les communes les plus grandes (à l'exception de Paris, Marseille et Lyon) ont 69 membres. Les conseillers municipaux sont élus au suffrage universel direct pour 6 ans. Ils doivent avoir au moins 18 ans et doivent être attachés à la commune par un lien légal (domicile, contribuable). Le mode de scrutin varie suivant la commune. Il existe deux modes de scrutin (loi du 19 novembre 1982).

Pour les petites communes (moins de 3500 habitants), l'élection du CM (Abréviation du Conseil municipal) a lieu au scrutin de liste majoritaire à deux tours. Le panachage entre les listes est possible : chaque électeur peut faire sa propre liste à partir des diverses listes qui lui sont présentées ; on doit donc calculer candidat par candidat ; on aboutit même presque à un choix uninominal. Chaque conseiller municipal doit obtenir la majorité absolue des suffrages exprimés ; il faut également un nombre de voix au moins égal au quart des électeurs inscrits ; sinon, le conseiller municipal n'est pas élu. Au premier tour, ll manque donc des places. Au deuxième tour, on demande la majorité relative afin de compléter les places manquantes au premier tour (N.B. pour la compréhension de ce paragraphe et des suivants, il est fortement recommandé de se pencher sur les modes de scrutin, car cela est technique).

Pour les communes de plus de 3500 habitants (article L 262), il s'agit d'un scrutin de listes bloquées, majoritaire et proportionnel (système mixte donc). Scrutin de liste à deux tours : au premier tour, chaque liste comporte un nombre de candidats égal au nombre de sièges à pourvoir ; si une liste atteint ou dépasse les 50% des voix, on lui attribue d'office la moitié des sièges du CM en arrondissant à l'entier supérieur ; les autres sièges vont être répartis entre les listes en présence à condition qu'elles aient obtenu au moins 5% des suffrages exprimés ; les sièges vont être conférés proportionnellement au nombre de suffrage obtenu par les listes : c'est le système à la plus forte moyenne : la liste qui a déjà obtenu des sièges au premier tour avec ses 50% et plus du suffrage pourra de nouveau avoir des sièges ; on a ainsi voulu garantir au CM une majorité forte mais assurer une certaine représentation des autres tendances. Si, au premier tour, aucune majorité absolue ne se dégage, aucun siège n'est conféré ; il faut attendre le deuxième tour ; seules les listes ayant obtenu au moins 10% au premier tour peuvent se présenter. Le législateur a prévu que peuvent se présenter au second tour des listes composées de candidats qui, au premier tour, s'étaient mis sur des listes différentes et qui se regroupent pour former des listes nouvelles ; mais ces candidats doivent appartenir à des listes qui ont obtenu au moins 5%. La liste qui, au second tour, obtient le plus de voix se voit attribuer la moitié des sièges au CM ; les autres sièges sont répartis entre toutes les listes qui ont obtenu au moins 5% des suffrages : la liste arrivée en tête au premier tour participe également au second tour. Objectif : doter le CM d'une majorité forte.

Il peut arriver qu'un CM voit son existence abrégée. Il peut y avoir une dissolution du CM lorsque celui-ci ne peut plus fonctionner : cette dissolution est décrétée. La nouvelle Assemblée remplace l'ancienne pour le reste du mandat de l'ancienne. Il peut aussi y avoir des démissions de CM : en principe, l'absence de conseillers n'entraîne pas l'échéance du CM ; c'est seulement quand celui-ci a perdu le tiers de ses membres. Pour les communes de moins de 3500 habitants, on procède à une nouvelle élection pour compenser les manques. Pour les communes de plus de 3500 habitants, on utilise les résultats de l'élection première : on va considérer élus les candidats qui viennent après le candidat dernièrement élu.

Le Conseil municipal, comme toute Assemblée délibérante, élabore son règlement intérieur. La loi du 31 décembre 1970 prévoit que le Conseil doit se réunir au moins une fois par trimestre. Il peut se réunir chaque fois que le maire le juge utile, ou sur demande des conseillers, ou encore sur demande motivée du préfet. Les séances sont présidées par le maire.


Paragraphe 2 : Les attributions

Conformément à l'article L. 2121-29 du Code des collectivités territoriales, le CM règle par ses délibérations les affaires de la commune. Il prend des délibérations sur toutes les affaires qui concernent le territoire de la commune et qui sont confiées à l'autorité communale. Il peut émettre un voeu sur toutes les questions d'intérêt local. Il peut renoncer à exercer certaines de ses compétences ; en effet, la loi du 31 décembre 1970 lui permet de déléguer celles dont elle fixe la liste au maire ; celui-ci doit rendre compte au Conseil des décisions qu'il prend en tant que délégataire.

Le CM intervient en matière de planification : certaines communes peuvent s'associer pour élaborer une "charte intercommunale de développement et d'aménagement" dans les domaines économique, social et culturel. Il intervient en matière d'urbanisme : élaboration du plan d'occupation des sols, délivrance du permis de construire... Autres domaines : logement, ports, enseignement public (la commune décide de la création et le suivi des écoles et classes élémentaires et maternelles), action sociale et santé.

Le CM doit fixer le budget (ensemble des recettes et des charges de l'État pour une année civile) de la commune. Il est saisi par le maire d'un projet de budget. Il fixe les impôts communaux. Le budget ne doit pas être en déséquilibre, et doit être voté à temps (avant le début de l'année suivante).


SECTION 2 : LE MAIRE

Il est conçu comme devant être le Président du Conseil municipal. Il est l'organe exécutif de la commune. Ses pouvoirs sont vastes : il les exerce seul ou en collaboration avec l'Assemblée communale.

Paragraphe 1 : L'élection

Le maire est élu. Mais l'élection n'est pas au suffrage universel. Il est élu par le Conseil municipal parmi ses membres lors de sa première réunion de ce dernier. Il doit être âgé d'au moins 21 ans. Il s'agit d'un scrutin majoritaire uninominal à trois tours. Aux deux premiers tours, le candidat doit obtenir la majorité absolue, sinon on procède au troisième tour ; le candidat qui arrive en tête (majorité relative) est élu. S'il y a égalité au troisième tour, c'est le candidat le plus âgé qui l'emporte. Le maire est élu pour 6 ans. Si le Conseil municipal est dissout, le maire le sera aussi. Les adjoints sont élus à la suite de l'élection du maire. Le Conseil décide de leur nombre. Les textes fixent un maximum : pas plus de 30% des membres du Conseil municipal. Les adjoints au maire ont des attributions données par le maire par le biais de la délégation. Un adjoint peut ne pas avoir d'attribution. Il peut aussi se les voir retirer à tous moments par le maire.


Paragraphe 2 : Les attributions

a) Le maire, autorité de la commune

Le maire exerce ses pouvoirs en liaison avec le Conseil municipal ; il a également des pouvoirs propres. Il prépare les dossiers soumis au Conseil municipal. Il oriente l'action du CM. Il peut recevoir des délégations du CM : la loi prévoit que pour certaines matières, le CM peut voter une délégation de compétences au maire qui doivent être choisies par le législateur ; il doit rendre compte au CM de l'exécution des délégations.

Le maire est personnellement chargé de la police municipale (le CM n'est pas compétent). Il est autorité de la police dans la commune. Il va prendre des arrêtés municipaux qui doivent garantir le bon ordre, la sécurité, la salubrité et la tranquillité publiques. Le maire peut prendre des mesures individuelles ou matérielles. Dans les communes de plus de 10 000 habitants, le pouvoir de police est partagé avec le préfet du département : le préfet est plutôt responsable de l'ordre de la rue (manifestations...). Le maire peut utiliser les forces de la police nationale mises à sa disposition par le préfet. Dans les plus petites communes, le maire a autorité complète en la matière ; il peut également profiter des services de la police nationale.

Vis-à-vis du Conseil, le rôle du maire est triple : il prépare ses délibérations et notamment le budget. Il préside les séances. Il exécute les délibérations.

b) Le maire, agent de État

Le maire est placé sous l'autorité hiérarchique du préfet notamment. Il est officier d'état civil. Il fait donc des actes de État Il est chargé de l'exécution des lois de État Il en est de même des règlements administratifs édictés par le gouvernement. Il dispose d'attributions de police judiciaire : il doit participer à la recherche des criminels, des délinquants... Il est autorité déconcentrée donc, en même temps qu'autorité décentralisée. Sans être véritablement responsable devant le Conseil municipal, il doit quand même donner des explications.

الحسن الثاني

كلية العلوم القانونية والاقتصادية

والاجتماعية –المحمدبة -



ماستر الحكامة المحلية


تقوية القدرات البشرية/التنمية الذاتية

موضوع بعنوان



الاستاذة الفاضلة نرجو كريم صفحك فيما يخص التأخر.

مقـــــــــدمــــــــة

التفاوض عملية تحدث في مواقف حياتنا اليومية وهي مهارة يحتاج إليها عادة كل منا وغالباً ما يلجأ إليها لتسيير الأمور العالقة، وبث روح النشاط, وتحسين التواصل .

وسيتخلل البحث عرض استرتجيات التفاوض بين أطراف تحتاج فيها لهذه المهارة لتفادي المشكلة القائمة وتجاوز نتائجها الحالية وإيجاد الطرق المناسبة لتفاديها مستقبلاً ومن ثم سنعرض إلى مبادئ التفاوض ونحللها.

لكن فبل دلك مادا عن نشأة وتطور مهارة التفاوض

قبل أن نتبع النشأة التاريخية لمهارة التفاوض ولتوضيح أهمية هذه المهارة في حياة الأمم والشعوب نجيب على تساؤل ما هو التفاوض؟

هو سلوك طبيعي يستخدمه الإنسان عند التفاعل مع محيطه، وهو عملية التخاطب والاتصالات المستمرة بين جهتين للوصول إلى اتفاق يفي بمصالح الطرفين.

أوهي عملية الحوار والتخاطب والاتصالات المستمرة بين طرفين أو أكثر بسبب وجود نقاط اتفاق واختلاف في المصالح المشتركة.

إن التفاوض عبارة موقف تعبيري حركي قائم بين طرفين أو أكثر حول قضية من القضايا يتم من خلاله عرض وتبادل وتقريب ومواءمة وتكييف وجهات النظر واستخدام كافة أساليب الإقناع للحفاظ على المصالح القائمة أو للحصول على منفعة جديدة بإجبار الخصم بالقيام بعمل معين أو الامتناع عن عمل معين في إطار علاقة الارتباط بين أطراف العملية التفاوضية تجاه أنفسهم أو تجاه الغير.ويمثل مرحلة من مراحل حل القضية محل النزاع إذ يستخدم في أكثر من مرحلة وغالباً ما يكون تتويجاً كاملاً لهذه المراحل فالتفاوض كأداة للحوار قد يكون أشد تأثيرًا من الوسائل الأخرى لحل المشاكل فالعمل العسكري أو الحرب وإن كانت أسرع في فرض الإرادة إلا أنها لا تمثل نهاية المطاف فالحرب لا تؤثر في قهر الخصم وتدمير عزيمته. لذا يعد التفاوض مخرجا نهائيا نحو الاستقرار وإن كان يجب التحفظ قليلا للتأكد من صدق النوايا والتأكد من القدرات والقوى التوازنية التي تملكها الأطراف المتفاوضة. وهو كذلك انتصار للعقلانية المدركة لكافة الأموروالأبعاد تستخدم فيها أسلحة الحوار ومقارعة الرأي والحجة بالحجة والدليل بالدليل ومن ثم يكون الوصول إلى نتائج نهائية يقنع بها الأطراف..

وقد نشأ العلم عبر التاريخ وأوردته النصوص التاريخية المختلفة وتاريخنا الإسلامي زاخر بالشواهد القصصية, والأدلة القرآنية حول هذا الجانب كثيرة. فالتفاوض كأداة للحوار جوهر الرسالة الإسلامية والأسلوب القرآني دعا إلى ذلك كأفضل أسلوب للإقناع ، قال تعالى:( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) سورة النحل-الآية 125.كما ان قول الامام علي كرم الله وجهه -الناس صنفان اخ لك في الدين اونضير لك في الخلق-تعطي للعلم نظرة تشاركية تفاعلية بمعنى التواصل والحوار رغم الاختلاف وهدا هو مفهوم التواصل لقيامه على هاتين الاليتين.


ان موضوعنا ليدخل ضمن سلسلة عروض المادة المبنية على حسن ادارة الوقت وادارة الغضب وكبح العاطفة وقول لا حينما تكون ضرورية ومن تم نجد نفسينا مرتبطين بالمادة في عموميتها من خلال عرضنا هدا الدي سنعمل على مقاربته وفق التشكيل الاتي بيانه:


تصميم العرض :


المحور الاول:استراتجيات التفاوض ومهارات المفاوض


الفقرة الاولى : استراتجيات التفاوض

الفقرة الثانية : مهارات التفاوض


المحور التاني: المحطات التفاوضية

الفقرة الاولى :مراحل التفاوض

الفقرة التانية : رصد المكاسب



المحور الاول:استراتجيات التفاوض ومهارات المفاوض


الفقرة الاولى : استراتجيات التفاوض
أولا: استراتيجيات المصلحة العامة والخاصة:
يقوم هذا المنهج على علاقة تعاون بين طرفين أو أكثر يعمل كل طرف منهم على تعميق وزيادة هذا التعاون وإثماره لمصلحة كافة الأطراف. واستراتيجيات هذا المنهج هي:
1.
استراتيجية التكامل:
هو تطوير العلاقة بين طرفي التفاوض إلى درجة أن يصبح كل منهما مكملا للآخر في كل شيء بل قد يصل الأمر إلى أنهما يصبحان شخصا واحدا مندمج المصالح والفوائد والكيان القانوني أحيانا وذلك بهدف تعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة أمام كل منهما. ويمكن تنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال:
التكامل الخلفي.
*
التكامل الأمامي.
*
التكامل الأفقي.
2.
استراتيجية تطوير التعاون الحالي:
وتقوم هذه الإستراتيجية التفاوضية على الوصول إلى تحقيق مجموعة من الأهداف العليا التي تعمل على تطوير المصلحة المشتركة بين طرفي التفاوض وتوثيق أوجه التعاون بينهما. ويمكن تنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال:
*
توسيع مجالات التعاون: وتتم هذه الاستراتيجية عن طريق إقناع الطرفين المتفاوضين بمد مجال التعاون إلى مجالات جديدة لم يكن التعاون بينهما قد وصل إليها من قبل.
*
الارتقاء بدرجة التعاون: وتقوم هذه الاستراتيجية على الارتقاء بالمرحلة التعاونية التي يعيشها طرفي التفاوض خاصة أن التعاون يمر بعدة مراحل أهمها المراحل الآتية:
مرحلة التفهم المشترك أو التعرف على مصالح كل الأطراف.
1.
مرحلة الاتفاق في الرأي أو لقضاء المصالح.
2.
مرحلة العمل على تنفيذه أو مرحلة تنفيذ المنفعة المشتركة.
3.
مرحلة اقتسام عائده أو دخله أو مرحلة تنفيذ المنفعة المشتركة.
وفي كل هذه المراحل يقوم العمل التفاوضي بدور هام في تطوير التعاون بين الأطراف المتفاوضة والارتقاء بالمرحلة التي يمر بها.
3.
استراتيجية تعميق العلاقة القائمة:
تقوم هذه الاستراتيجية على الوصول لمدى اكبر من التعاون بي طرفين أو أكثر تجمعهم مصلحة ما.
4.
استراتيجية توسيع نطاق التعاون بمده إلى مجالات جديدة:
تعتمد هذه الإستراتيجية أساسا على الواقع التاريخي الطويل الممتد بين طرفي التفاوض من حيث التعاون القائم بينهما وتعدد وسائله وتعدد مراحله وفقا للظرف والمتغيرات التي مر بها وفقا لقدرات وطاقات كل منهما .وهناك أسلوبين لهذه الاستراتيجية هما:
توسيع نطاق التعاون بمده إلى مجال زمني جديد: ويقوم هذا الأسلوب على الاتفاق بين الأطراف المتفاوضة على فترة زمنية جديدة مستقبلة ،أو تكثيف وزيادة التعاون وجني التعاون خلال هذه الفترة المقبلة.
1.
توسيع نطاق التعاون بمده إلى مجال مكاني جديد: ويتم هذا الأسلوب عن طريق الاتفاق على الانتقال بالتعاون إلى مكان جغرافي آخر جديد.
ثانيا:استراتيجيات المصلحة الخاصة/ منهج الصراع:
على الرغم من أن جميع من يمارسون استراتيجيات الصراع في مفاوضاتهم سواء على المستوى الفردي للأشخاص أو على المستوى الجماعي، وتبنيهم لها واعتمادهم عليها إلا أنهم يمارسونها دائما سرا وفي الخفاء،
بل أنهم في ممارستهم للتفاوض بمنهج الصراع يعلنون أنهم يرغبون في تعميق المصالح المشتركة. إذ أن جزء كبير من مكونات هذه الاستراتيجيات يعتمد على الخداع والتمويه.
الاستراتيجية الأولى: استراتيجية (الإنهاك):
وتقوم هذه الاستراتيجية على الآتي:
1.
استنزاف وقت الطرف الآخر. ويتم ذلك عن طريق تطويل فترة التفاوض لتغطي أطول وقت ممكن دون أن تصل المفاوضات إلا إلى نتائج محدودة لا قيمة لها. ويستخدم الأسلوب الآتي لتحقيق ذلك:
التفاوض حول مبدأ التفاوض ذاته ومدى إمكانية استخدامه واستعداد الطرف الآخر للتعامل به ومدى إمكانية تنفيذه لتعهداته التي يمكن الوصول إليها.
*
التفاوض في جولة أو جولات أخرى حول التوقيت المناسب للقيام بالجولات التفاوضية التي تم الاتفاق أو جاري الاتفاق عليها.
*
التفاوض في جولة أو جولات جديدة حول مكان التفاوض أو أماكن التفاوض المحتملة والأماكن البديلة.
*
التفاوض في جولات جديدة حول الموضوعات التي سوف يتم التفاوض عليها.
*
التفاوض حول كل موضوع من الموضوعات التي حددت لها أولويات وفي ضوء كل موضوع من الموضوعات التي يمكن تقسيمه إلى عناصر وأفرع متفرعة يتم كل منها في جلسة أو أكثر من جلسات التفاوض.
2.
استنزاف جهد الطرف الآخر إلى أشد درجة ممكنة. ويتم ذلك عن طريق تكثيف وحفز طاقاته واستنفار كافة خبراته وتخصصاته وشغلهم بعناصر القضية التفاوضية الشكلية التي لا قيمة لها عن طريق:
إثارة العقبات القانونية المفتعلة حول كل عنصر من العناصر القضايا المتفاوض عليها وحول مسميات كل موضوع والتعبيرات والجمل والكلمات والألفاظ التي تصاغ بها عبارات واسم كل موضوع التفاوض.
*
وضع برنامج حافل للاستقبالات والحفلات والمؤتمرات الصحفية وحفلات التعارف وزيارة الأماكن التاريخية.
*
زيادة الاهتمام بالنواحي الفنية شديدة التشعب كالنواحي الهندسية والجغرافية والتجارية والاقتصادية والبيئية والعسكرية ...الخ، وإرجاء البت فيها إلى حين يصل رأي الخبراء والفنيين الذين سيتم مخاطبتهم واستشاراتهم فيها ومن ثم تنتهي جلسات التفاوض دون نتيجة حاسمة بل وهناك أمور كثيرة
معلقة لم يبت فيها وهي أمور شكلية في اغلب الأحيان وترتبط بها وتعلق عليها الأمور الجوهرية الأخرى بل والشكلية الأخرى أحيانا.
3.
استنزاف أموال الطرف الآخر. وذلك عن طريق زيادة معدلات إنفاقه وتكاليف إقامته وأتعاب مستشاريه طوال العملية التفاوضية فضلا عن ما يمثله ذلك من تضييع باقي الفرص المالية والاقتصادية البديلة التي كان يمكن له أن يحصل عليها لو لم يجلس معنا إلى مائدة التفاوض وينشغل بها.
الاستراتيجية الثانية: إستراتيجية التشتيت
وهي من أهم استراتيجيات منهج الصراع التفاوضية حيث تعتمد عليها بشكل كبير الأطراف المتصارعة إذا ما جلست إلى مائدة التفاوض. وتقوم هذه الاستراتيجية على فحص وتشخيص وتحديد أهم نقاط الضعف والقوة في طريق التفاوض الذي أوفده الطرف الآخر للتفاوض وتحديد انتماءاتهم وعقائدهم ومستواهم العلمي والفني والطبقي والدخلي وكل ما من شانه أن يصبغهم إلى شرائح وطبقات ذات خصائص محددة مقدما.
وبناء على هذه الخصائص يتم رسم سياسة ماكرة لتفتيت وحدة وتكامل فريق التفاوض الذي أوفده الطرف الآخر للتفاوض معنا والقضاء على وحدته وائتلافه وتماسكه وعلى الاحترام ليصبح فريق مفت متعارض تدب بين أعضائه الخلافات والصراعات ومن ثم يصبح جهدهم غير منسجما.
وتمتاز هذه الاستراتيجية بأنها من ضمن استراتيجيات الدفاع المنظم في حالة التعرض لضغط تفاوضي عنيف أو مبادرة تفاوضية جديدة لم نكن نتوقعها ولم نحسب حساب لها.
الاستراتيجية الثالثة: التفاوض بعيد الامد

تهم هده الاستراتجية الموالمة بين المصالح أي ايجاد نقط مشتركة بين الاطراف ودلك بتجاوز المصالح الضرفية الضيقة للاطراف والتفكير الجدي والعقلاني لعواقب المفاوضات وتاتيراتها المستقبلية أي التفكير في مصير ومستقبل الاجيال القادمة.

الفقرة الثانية :مهارات التفاوض

أولا: الموقف التفاوضي:
يعد التفاوض موقف ديناميكي أي حركي يقوم على الحركة والفعل ورد الفعل إيجابا وسلبا وتأثير أو تأثرا. والتفاوض موقف مرن يتطلب قدرات هائلة للتكيف السريع والمستمر وللمواءمة الكاملة مع المتغيرات المحيطة بالعملية التفاوضية. يجب أن يتصف الموقف التفاوضي بصفة إمكانية التعرف عليه وتمييزه دون أي غموض أو لبس أو دون فقد لأي من أجزائه أو بعد من أبعاده أو معالمه،اما الموقف التفاوضي هو موقف معقد حيث تتفاعل داخله مجموعة من العوامل وله العديد من الأبعاد والجوانب التي يتشكل منها هذا الموقف ومن ثم يجب الإلمام بهذا كله حتى يتسنى التعامل مع هذا الموقف ببراعة ونجاح.

يتم التفاوض في العادة بين طرفين، وقد يتسع نطاقه ليشمل أكثر من طرفين نظرا لتشابك المصالح وتعارضها بين الأطراف المتفاوضة. ومن هنا فان أطراف التفاوض يمكن تقسيمها أيضا إلى أطراف مباشرة، وهي الأطراف التي تجلس فعلا إلى مائدة المفاوضات وتباشر عملية التفاوض. وإلى أطراف غير مباشرة وهي الأطراف التي تشكل قوى ضاغطة لاعتبارات المصلحة أو التي لها علاقة قريبة أو بعيدة بعملية التفاوض.

لابد أن يدور حول قضية معينة أو موضوع معين يمثل محور العملية التفاوضية وميدانها الذي يتبارز فيه المتفاوضون، وقد تكون القضية، قضية إنسانية عامة، أو قضية شخصية خاصة وتكون قضية اجتماعية، أو اقتصادية أو سياسية، أو أخلاقية... الخ. ومن خلال القضية المتفاوض بشأنها يتحدد الهدف التفاوضي، وكذا غرض كل مرحلة من مراحل التفاوض، بل والنقاط والأجزاء والعناصر التي يتعين تناولها في كل مرحلة من المراحل والتكتيكات والأدوات والاستراتيجيات المتعين استخدامها في كل مرحلة من المراحل.

لا تتم أي عملية تفاوض بدون هدف أساسي تسعى إلى تحقيقه أو الوصول إليه وتوضع من أجله الخطط والسياسيات. فبناء على الهدف التفاوضي يتم قياس مدى تقدم الجهود التفاوضية في جلسات التفاوض وتعمل الحسابات الدقيقة، وتجري التحليلات العميقة لكل خطوة.
ويتم تقسيم الهدف التفاوضي العام أو النهائي إلى الهداف مرحلية وجزئية وفقا لمدى أهمية كل منها ومدى اتصالها بتحقيق الهدف الإجمالي أو العام أو النهائي.

ترتبط المهارة التفاوضية بحدود أو مدى السلطة والتفويض الذي تم منحه للفرد التفاوض وإطار الحركة المسموح له بالسير فيه وعدم تعديه أو اختراقه فيما يتصل بالموضوع أو القضية المتفاوض بشأنها.
يتصل هذا الشرط أساسا بأعضاء الفريق. ومدى البراعة والمهارة والكفاءة التي يتمتع بها أو يحوزها أفراد هذا الفريق ومن ثم من الضروري الاهتمام بالقدرة التفاوضية لهذا الفريق وهذا يتأتى عن طريق الآتي:
الاختيار الجيد لأعضاء هذا الفريق من الأفراد الذين يتوفر فيهم القدرة والمهارة والرغبة والخصائص والمواصفات التي يجب أن يتحلى بها أعضاء هذا الفريق التي من ضمنها:

1- كن على استعداد دائم للتفاوض 2- ان لا تتفاوض آبدا دون ان تكون مستعد

وقت 3- التمسك بالثبات الدائم وهدوء الأعصاب 3- التمسك بالثبات الدائم وهدوء الأعصاب 4- عدم الاستهانة بالخصم او بالطرف المتفاوض معه 5- لا تتسرع في اتخاذ قرار .. واكسب وقتا للتفكير ان تستمع أكثر من تتكلم ، واذا تكلمت فلا تقل شيئا له قيمة خلال المفاوضات التمهيدية6- ان تستمع أكثر من تتكلم ، واذا تكلمت فلا تقل شيئا له قيمة خلال المفاوضات التمهيدية 7- ليست هناك صداقة دائمة او عداء دائم ولكن هناك مصالح دائمة 8- الإيمان بصدق وعدالة القضية التفاوضية 9- الحذر والحرص وعدم إفشاء ما لديك دفعة واحدة 10 – لا احد يحفظ أسرارك سوى شفتيك 11- تبنى تحليلاتك ومن ثم قراراتك على الوقائع والأحداث الحقيقية ، ولا يجب ان تبنى على التمنيات 12- ان تتفاوض مع مركز قوة 13- الاقتناع بالرؤى قبل إقناع الآخرين

14- استخدام الأساليب غير المباشرة في التفاوض ، وكسب النقاط التفاوضية كلما أمكن ذلك 15- ضرورة تهنئة الطرف الآخر وإعداده نفسيا لتقبل الاقتناع بالراى الذي تبناه 16- هدوء الأعصاب والابتسامة مفتاح النجاح فى عملية التفاوض 17- التفاؤل الدائم ومقابلة الثورات العارمة والانتقادات الظالمة برباط الجأش والهدوء المطلق والعقلانية الرشيدة 18- التجديد المستمر فى طرق وأساليب تناول الموضوعان المتفاوض بشأنها وفى أسلوب عمل فريق التفاوض

19- لا بأس فى التفاوض ولا هزيمة مطلقة 20- لا تنخدع بظاهر الأمور واحتاط دائما من عكس

يجب احترامها خطوات الإعداد للتفاوض

-تحديد الأهداف المطلوب تحقيقها

-تحديد الفرص والقيود التي يتم التفاوض عليها تحديد الثوابت والمتغيرات

-تحديد قضايا التفاوض

-الدراسة والتجهيز بالبيانات والحقائق والوثائق

-تقييم المركز التفاوضي وتحديد المواقف

-تحديد الاستراتيجيات البديلة والتكتيكات المصاحبة له

-اختيار الفريق التفاوضي المناسب

-تحديد أجندة التفاوض

-اختيار لغة التفاوض.

-تحديد مكان التفاوض وتجهيزه

-ترتيبات الاتصالات

-الجلسة الافتتاحية

تحديد سيناريوهات بديلة لخطة المناقشة والحوار

المحور التاني: المحطات التفاوضية

الفقرة الاولى :مراحل التفاوض
للتفاوض العملي خطوات عملية يتعين القيام بها والسير على هداها وهذه الخطوات تمثل سلسلة تراكمية منطقية تتم كل منها بهدف تقديم نتائج محددة تستخدم في إعداد وتنفيذ الخطوة التالية. وإن تراكمات كل مرحلة تبنى على ما تم الحصول عليه من ناتج المرحلة السابقة وما تم تشغيله بالتفاوض عليه واكتسابه خلال المرحلة الحالية ذاتها قبل الانتقال إلى المرحلة التالية الجديدة، وبهذا الشكل تصبح العملي التفاوضية تأخذ شكل جهد تفاوضي تشغيلي متراكم النتائج بحيث تصبح مخرجات كل مرحلة التالية لها وهكذا.
المرحلة الأولى: جمع المعلومات حول القضية التفاوضية:
وهي أولى خطوات العملية التفاوضية حيث يتعين معرفة وتحديد وتشخيص القضية المتفاوض بشأنها ومعرفة كافة عناصرها وعواملها المتغيرة ومرتكزاتها الثابتة. وتحديد كل طرف من أطراف القضية والذين سيتم التفاوض معهم. وتحديد الموقف التفاوضي بدقة لكل طرف من أطراف التفاوض ومعرفة ماذا يرغب أو يهدف من التفاوض.
ويتعين إجراء مفاوضات أو مباحثات تمهيدية لاستكشاف نوايا واتجاهات هذا الطرف وتحديد موقفه التفاوضي بدقة وبعد هذا التحديد يتم التوصل إلى نقطة أو نقاط التقاء أو فهم مشترك.
كما يتعين تحديد نقاط الاتفاق بين الطرفين المتفاوضين لتصبح الأرضية المشتركة أو الأساس المشترك لبدء العملية التفاوضية.
وتستخدم في هذا المجال المفاوضات التمهيدية بهدف تحديد المواقف التفاوضية ومعرفة حقيقة ونوايا الطرف الآخر بالإضافة إلى:
*
تغيير اتجاهات وراء الطرف الآخر.
*
كسب تأييد ودعم الطرف الآخر والقوى المؤثرة عليه.
*
دفع الطرف الآخر إلى القيام بسلوك معين وفقا لخطة محددة.
*
الاستفادة من رد فعل الطرف الآخر.
وبصفة عامة يتم في المفاوضات التمهيدية تحديد نقاط الالتقاء ونقاط الاختلاف بين الأطراف وتوضيح أبعاد كل منهما. ومن ثم يمكن تحديد النقاط الأشد تطرفا بالنسبة لكل طرف من الأطراف التي لا يمكن التأثير عليها والتي لن يتنازل عنها في الفترة الحالية على الأقل. وأكثر النقاط قبولا منه أو نقطة الالتقاء المشتركة التي يوافق عليها دون تردد. ومن ثم يقوم بالابتعاد عن أشد نقاط الاختلاف والتعامل فقط مع تلك النقاط التي تقع في منطقة التأرجح بين الموافقة والاعتراض والتي يمكن عن طريق التفاوض كسب النقاط التفاوضية بنجاح ويسر.
المرحلة الثانية: تهيئة المناخ للتفاوض:
إن هذه المرحلة هي خطوة مستمرة وممتدة تشمل وتغطى كافة الفترات الأخرى التي يتم الاتفاق النهائي عليها وجنى المكاسب النجمة عن عملية التفاوض.
وفي هذه المرحلة يحاول كل من الطرفين المتفاوضين خلق جو من التجاوب والتفاهم مع الطرف الآخر بهدف تكوين انطباع مبدئي عنه واكتشاف استراتيجيته التي سوف يسير على هداها في المفاوضات وردود أفعاله أمام مبادراتنا وجهودنا التفاوضية.
وتكون هذه المرحلة عادة قصيرة وبعيدة عن الرسميات وتقتصر عادة على لقاءات النادي أو على حفلات التعارف يتم فيها التبادل عبارات المجاملة والترحيب
المرحلة الثالثة: قبول الخصم للتفاوض:
وهي عملية أساسية من عمليات وخطوات التفاوض لقبول الطرف الآخر وقبول الجلوس إلى مائدة المفاوضات. ومن ثم تنجح المفاوضات أو تكون أكثر يسرا خاصة مع اقتناع الطرف الآخر بأن التفاوض هو الطريق الوحيد ، بل والممكن لحل النزاع القائم أو للحصول على المنفعة المطلوبة أو لجنى المكاسب والمزايا التي يسعى إلى الوصول إليها. ويجب علينا أن نتأكد من صدق رغبة وحقيقة نوايا الطرف الأخر، وان قبوله للتفاوض ليس من قبيل المناورات أو لكسب الوقت أو لتحجيمها عن استخدام الوسائل الأخرى.

المرحلة الرابعة: التحليل فالمناقشة:
حيث تشمل هذه المرحلة من العمليات الأساسية التي لا يتم التفاوض إلا بها:
اختيار التكتيكات التفاوضية المناسبة من حيث تناول كل عنصر من عناصر القضية التفاوضية أثناء التفاوض على القضية وداخل كل جلسة من جلسات التفاوض.
*
الاستعانة بالأدوات التفاوضية المناسبة وبصفة خاصة تجهيز المستندات والبيانات والحجج والأسانيد المؤيدة لوجهات نظرنا والمعارضة لوجهات نظر الطرف الآخر.
*
ممارسة الضغوط التفاوضية على الطرف الآخر سواء داخل جلسة التفاوض أو خارجها. وتشمل هذه الضغوط عوامل:
الوقت التكلفة الجهد عدم الوصول إلى نتيجة. الضغط الإعلامي. الضغط النفسي
*
تبادل الاقتراحات وعرض وجهات النظر في إطار الخطوط العريضة لعملية التفاوض وفي الوقت نفسه دراسة الخيارات المعروضة والانتقاء التفضيلي منها.
*
استخدام كافة العوامل الأخرى المؤثرة على الطرف الآخر لإجباره إلى اتخاذ موقف معين أو القيام بسلوك معين يتطلبه كسبنا للقضية التفاوضية أو إحراز نصر أو الوصول إلى اتفاق بشأنها أو بشان أحد عناصرها أو جزيئاتها.
الخطوة السادسة: الوصول إلى الاتفاق الختامي وتوقيعه:
لا قيمة لأي اتفاق من الناحية القانونية إذا لم يتم توقيعه في شكل اتفاقية موقعة وملزمة للطرفين المتفاوضين. ويجب الاهتمام بأن تكون الاتفاقية شاملة وتفصيلية تحتوي على كل الجوانب ومراعي فيها اعتبارات الشكل والمضمون ومن حيث جودة وصحة ودقة اختيار الألفاظ والتعبيرات لا تنشأ أي عقبات أثناء التنفيذ الفعلي للاتفاق التفاوضي.

الفقرة التانية: رصد المكاسب

ختاما نرى انه من الاجدى كرصد للمكاسب.

الاصغاء للطرف الآخر عملية الإنصات وتركيز على ما يقوله الطرف الآخر. تبني استراتيجية حيادية المشاعر فلا تجعل المشاعر تؤثر في آرائك. اصبر على كلام محدثك واحذر الملل واعمل على امتصاص مشاعر الهجوم لديه. احمل راية الرفق والحنان والتقدير والاحترام. لا تجمد على أسلوب واحد، وإنما تكون حسب مقتضيات الموقف الحواري.كن رباناً ماهراً فالمحاور الناجح هو الذي لا يستأثر بالحديث حتى تتيح لنفسك فرصة لاستيعاب كلامه وتكوين تغذية راجعة مناسبة. الجأ إلى دبلوماسية الإطراء قبل النقد واستخدم أسلوب الإقناع بالاستفهام.

استخدم أسلحة الإقناع مثل:

الإقناع بذكر قصة.

الإقناع بالمقارنة والبدائل.

الإقناع بالصورة الذهنية- الإقناع ببيان المزايا والعيوب .

- الإقناع بالبدء مباشرة والبدء بالأهم وبأسلوب المجاز.

الاهتمام والتشبت بالمبادئ والمثل وليس المصالح الصرفية فقط. إن من المهم نشر الوعي بين الناس بأهمية الحوار التفاوضي الايجابي باستخدام الأساليب العلمية الحديثة وتسخير وسائل الإعلام والمناهج الدراسية وتصميمها لتبدأ الأجيال حواراً يوسع مداركنا ويعدد خياراتنا، وينضج عقولنا ويدفعنا للتفاعل مع بعضنا البعض ومع العالم الخارجي وفهمه والحفاظ على هويتنا وتعزيز انتمائنا بحيث تصبح لغة التفاوض الإيجابي سمة أصيلة في حياتنا وشخصياتنا وبذلك نزرع في أجيالنا الناشئة هذه المهارة بقواعدها الذهبية ليتسنى لهم تبني قيم الحوار الإيجابي والتفاوض مع بعضهم البعض ومع غيرهم.

التفاوض ومواجهة مشاكل العمل والتواصل والاختلاف.

صفوة القول ان اليات التفاوض ترتبط بكل المهارات التي عالجناهامن خلال عروض مادة التنمية البشرية والتي اشرنا اليها في الاستهلال من ادارة للوقت والغضب وكدا الابتسامة وطلاقة الوجه دون ان ننسى الحلم العفو،الايثار وقول كلمة لا في اوقاتها ومواضعها.
























لائحة المراجع:

المرجع الاصلي استراتجيات التفاوض رمضان الديب خبير تنمية بشرية.

مقدم من استاذة المادة دكتورة سعيدة توفيق


المراجع الالكترونية


كنانة أونلاين - استراتيجيات التفاوض


كنانة أونلاين - خطوات الإعداد للتفاوض


إيلاف ترين البريطانية مهارة التفاوض


محرك البحت غوغل


سلسلة عروض مادة التنمية الذاتية/تقوية القدرات البشرية




PAGE µ2§